وذلك محكي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأنه أراق اللبن المغشوش بالماء ، ووجه ذلك التأديب للغاشّ ، وهذا التأديب لا نص يشهد له لكن من باب الحكم على الخاصة لأجل العامة ، وقد تقدم نظيره في مسألة تضمين الصناع.
على أن أبا الحسن اللخمي قد وضع له أصلا شرعيّا ، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام أمر بإكفاء القدور التي أغليت بلحوم الحمر قبل أن تقسم ، وحديث العتق بالمثلة أيضا من ذلك.
ومن مسائل مالك في المسألة : إذا اشترى مسلم من نصراني خمرا فإنه يكسر على المسلم ، ويتصدق بالثمن أدبا للنصراني إن كان النصراني لم يقبضه. وعلى هذا المعنى فرع أصحاب في مذهبه ، وهو كله من العقوبة في المال ، إلا أن وجهه ما تقدم.
المثال السابع :
إنه لو طبق الحرام الأرض ، أو ناحية من الأرض يعسر الانتقال منها وانسدت طرق المكاسب الطيبة ، ومست الحاجة إلى الزيادة على سد الرمق فإن ذلك سائغ أن يزيد على قدر الضرورة ، ويرتقي إلى قدر الحاجة في القوت والملبس والمسكن ، إذ لو اقتصر على سد الرمق لتعطلت المكاسب والأشغال ، ولم يزل الناس في مقاسات ذلك إلى أن يهلكوا ، وفي ذلك خراب الدين ، لكنه لا ينتهي إلى الترفه والتنعم ، كما لا يقتصر على مقدار الضرورة.
وهذا ملائم لتصرفات الشرع وإن لم ينص على عينه ، فإنه قد أجاز أكل الميتة للمضطر ، والدم ولحم الخنزير ، وغير ذلك من الخبائث المحرمات.
وحكى ابن العربي الاتفاق على جواز الشبع عند توالي المخمصة ، وإنما اختلفوا إذا لم تتوال ، هل يجوز له الشبع أم لا؟ وأيضا فقد أجازوا أخذ مال الغير عند الضرورة أيضا ، فما نحن فيه لا يقصر عن ذلك.
وقد بسط الغزالي هذه المسألة في الإحياء بسطا شافيا جدّا ، وذكرها في كتبه الأصولية ك (المنخول) و (شفاء العليل).
المثال الثامن :
إنه يجوز قتل الجماعة بالواحد ، والمستند فيه المصلحة المرسلة ، إذ لا نص على عين