وقد تقدم التنبيه على ذلك في تمثيل البدع الداخلة في الضروريات في الباب قبل هذا ، ويدخل تحت هذا النمط كون الغنائم تصير دولا وقوله : «سترون بعدي أثرة وأمراء تنكرونها ، ثم قال أدوا إليهم حقهم وسلوا الله دقهم» (١).
وأما تحليل الدماء والربا والحرير والغناء والخمر ، فخرّج أبو داود وأحمد وغيرهما عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها» ـ زاد ابن ماجه ـ «يعزف على رءوسهم بالمعازف والقينات ، يخسف الله بهم الأرض ، ويجعل منهم القردة والخنازير» (٢) ، وخرّجه البخاري ، عن أبي عامر وأبي مالك الأشعري قال فيه : «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم ، تروح عليهم سارحة لهم يأتيه رجل لحاجة فيقولون : ارجع إلينا غدا ، فيبيتهم الله ويضع العمل ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة». وفي سنن أبي داود : «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير» ـ وقال في آخره ـ «يمسخ منهم آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» (٣).
والخز هنا نوع من الحرير ليس الخز المأذون فيها المنسوج من حرير وغيره. وقوله في الحديث : «ولينزلن أقوام» يعني ـ والله أعلم ـ : من هؤلاء المستحلين ، والمعنى : إن هؤلاء المستحلين ينزل منهم أقوام إلى جنب علم ، وهو الجبل ، فيواعدهم إلى الغد ، فيبيتهم الله ـ وهو أخذ العذاب ليلا ـ ويمسخ منهم آخرين كما في حديث أبي داود كما في الحديث قبل :
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب : الفتن ، باب : قوله صلىاللهعليهوسلم : «ستكون بعدي أمور تنكرونها» ، وأخرجه في كتاب : أحاديث الأنبياء ، باب : علامات النبوة في الإسلام (الحديث : ١٣ / ٤). وأخرجه مسلم في كتاب : الإمارة ، باب : وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء (الحديث : ١٨٤٣). وأخرجه الترمذي في كتاب : الفتن ، باب : ما جاء في الأثرة (الحديث : ٢١٩١).
(٢) أخرجه ابن ماجه في كتاب : الفتن ، باب : العقوبات (الحديث : ٤٠٢٠) ولفظه : (والمغنيات ..).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب : الأشربة ، باب : ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه (الحديث : ١٠ / ٤٥). وقد وصله أبو داود في كتاب : اللباس ، باب : ما جاء في الخز (الحديث : ٤٠٣٩). ووصله أيضا الطبراني والبيهقي (١٠ / ٢٢).