وعمر رضي الله عنهما ، أن المعنى فيه أن يعلم أن النبي صلىاللهعليهوسلم مات وهو على تلك السنة ، وأنه لا يحتاج مع قول النبي صلىاللهعليهوسلم إلى قول أحد وما قال صحيح في نفسه فهو مما يحتمله حديث العرباض رضي الله عنه ، فلا زائد إذا على ما ثبت في السنة النبوية ، إلا أنه قد يخاف أن تكون منسوخة بسنة أخرى ، فافتقر العلماء إلى النظر في عمل الخلفاء بعده ، ليعلموا أن ذلك هو الذي مات عليه النبي صلىاللهعليهوسلم من غير أن يكون له ناسخ ، لأنهم كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمره ، وعلى هذا المعنى ، بنى مالك بن أنس في احتجاجه بالعمل ، ورجوعه إليه عند تعارض السنن.
ومن الأصول المضمنة في أثر عمر بن عبد العزيز أن سنة ولاة الأمر وعملهم تفسير لكتاب الله وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، لقوله : الأخذ بها تصديق لكتاب الله ، واستكمال لطاعة الله ، وقوة على دين الله ، وهو أصل مقرر في غير هذا الموضع ، فقد جمع كلام عمر بن عبد العزيز رحمهالله أصولا حسنة وفوائد مهمة.
ومما يعزى لأبي إلياس الألباني : ثلاث لو كتبن في ظفر لوسعهن ، وفيهن خير الدنيا والآخرة : اتبع لا تبتدع ، اتضع لا ترتفع ، ومن ورع لا يتسع ، والآثار هنا كثيرة.
فصل
الوجه الرابع من النقل : ما جاء في ذم البدع وأهلها عن الصوفية المشهورين عند الناس ، وإنما خصصنا هذا الموضع بالذكر وإن كان فيما تقدم من النقل كفاية ، لأن كثيرا من الجهال يعتقدون فيهم أنهم متساهلون في الاتباع ، وأن اختراع العبادات والتزام ما لم يأت في الشرع التزامه مما يقولون به ويعملون عليه ، وحاشاهم من ذلك أن يعتقدوه أو يقولوا به ، فأول شيء بنوا عليه طريقتهم اتباع السنة واجتناب ما خالفها حتى زعم مذكرهم ، وحافظ مأخذهم ، وعمود نحلتهم أبو القاسم القشيري أنهم إنما اختصوا باسم التصوف انفرادا به عن أهل البدع ، فذكر أن المسلمين بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يتسمّ أفاضلهم في عصرهم باسم علم سوى الصحبة إذ لا فضيلة فوقها ، ثم سمي من يليهم التابعين ، ورأوا هذا الاسم أشرف الأسماء ، ثم قيل لمن بعدهم أتباع التابعين ، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب ، فقيل لخواص الناس ممن له شدة عناية من الدين الزهاد والعباد. قال : ثم ظهرت البدع وادعى كل فريق أن فيهم زهادا وعبادا فانفرد خواصّ أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله الحافظون