أرذلهم» (١) وقوله : «وساد القبيلة فاسقهم» وقوله : «إذا أسند الأمر إلى غير أهله» (٢) فالمعنى فيها واحد ، فإن الحديث العهد بالشيء لا يبلغ مبالغ القديم العهد فيه.
ولذلك يحكى عن الشيخ أبي مدين أنه سئل عن الأحداث الذين نهى شيوخ الصوفية عنهم ، فقال : الحدث الذي لم يستكمل الأمر بعد ، وإن كان ابن ثمانين سنة.
فإذا تقديم الأحداث على غيرهم ، من باب تقديم الجهال على غيرهم ، ولذلك قال فيهم : «سفهاء الأحلام» وقال : «يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم» إلى آخره ، وهو منزل على الحديث الآخر في الخوارج : «إن من ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم» (٣) إلى آخر الحديث ، يعني : أنهم لم يتفقهوا فيه ، فهو في ألسنتهم لا في قلوبهم.
وأما لعن آخر هذه الأمة أولها ، فظاهر مما ذكر العلماء عن بعض الفرق الضالة ، فإن الكاملية من الشيعة كفرت الصحابة رضي الله عنهم ، حين لم يصرفوا الخلافة إلى عليّ رضي الله عنه بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكفرت عليّا رضي الله عنه حين لم يأخذ بحقه فيها.
وأما ما دون ذلك مما يوقف فيه عند السبب ، فمنقول موجود في الكتب ، وإنما فعلوا ذلك لمذاهب سوء لهم رأوها فبنوا عليها ما يضاهيها من السوء والفحشاء ، فلذلك عدوا من فرق أهل البدع.
قال مصعب الزبيري وابن نافع : دخل هارون ـ يعني : الرشيد ـ المسجد فركع ، ثم أتى قبر النبي صلىاللهعليهوسلم فسلّم عليه ، ثم أتى مجلس مالك فقال : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ،
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب : الفتن ، باب : ما جاء في علامة المسخ والقذف (الحديث : ٢٢١٢).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب : العلم ، باب : من سئل علما وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ، وأخرجه في كتاب : الرقاق ، باب : رفع الأمانة (الحديث : ١ / ١٣٢).
(٣) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ١.