في أحكام القرآن له ، وشرط جواز ذلك كله عندهم عدالة الإمام ، وإيقاع التصرف في أخذ المال وإعطائه على الوجه المشروع.
المثال السادس : إن الإمام لو أراد أن يعاقب بأخذ المال على بعض الجنايات فاختلف العلماء في ذلك حسبما ذكره الغزالي ، على أن الطحاوي حكى أن ذلك كان في أول الإسلام ثم نسخ فأجمع العلماء على منعه.
فأما الغزالي فزعم أن ذلك من قبيل الغريب الذي لا عهد به في الإسلام ، ولا يلائم تصرفات الشرع ، مع أن هذه العقوبة الخاصة لم تتعين ، لشرعية العقوبات البدنية بالسجن والضرب وغيرهما ـ قال ـ فإن قيل : فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شاطر خالد بن الوليد في ماله ، حتى أخذ رسوله فرد نعله وشطر عمامته. قلنا : المظنون من عمر أنه لم يبتدع العقاب بأخذ المال على خلاف المألوف من الشرع ، وإنما ذلك لعلم عمر باختلاط ماله بالمال المستفاد من الولاية وإحاطته بتوسعته ، فلعله ضمن المال فرأى شطر ماله من فوائد الولاية فيكون استرجاعا للحق لا عقوبة في المال ، لأنه هذا من الغريب الذي لا يلائم قواعد الشرع ، هذا ما قال ، ولما فعل عمر وجه آخر غير هذا ، ولكنه لا دليل فيه على العقوبة بالمال كما قال الغزالي.
وأما مذهب مالك فإن العقوبة في المال عنده ضربان :
أحدهما : كما صوره الغزالي ، فلا مرية في أنه غير صحيح ، على أن ابن العطار في رقائقه صغى إلى إجازة ذلك ، فقال : في إجازة أعوان القاضي إذا لم يكن بيت مال ، أنها على الطالب ، فإن أدى المطلوب كانت الإجازة عليه ، ومال إليه ابن رشد ، ورده عليه ابن النجار القرطبي ، وقال : إن ذلك من باب العقوبة في المال ، وذلك لا يجوز على حال.
والثاني : أن تكون جناية الجاني في نفس ذلك المال أو في عوضه ، فالعقوبة فيه عنده ثابتة ، فإنه قال في الزعفران المغشوش إذا وجد بيد الذي غشه : إنه يتصدق به على المساكين ، قلّ أو كثر.
وذهب ابن القاسم ومطرف وابن الماجشون إلى أنه يتصدق بما قلّ منه دون ما كثر ،