بالضاد وهو محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان الذين بعث فيهم عربا أيضا ، فجرى الخطاب به على معتادهم في لسانهم ، فليس فيه شيء من الألفاظ والمعاني إلا وهو جار على ما اعتادوه ، ولم يداخله شيء بل نفى عنه أن يكون فيه شيء أعجمي فقال تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (١).
وقال تعالى في موضع آخر : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ) (٢).
هذا وإن كان بعث للناس كافة فإن الله جعل جميع الأمم وعامة الألسنة في هذا الأمر تبعا للسان العرب ، وإذا كان كذلك فلا يفهم كتاب الله تعالى إلا من الطريق الذي نزل عليه وهو اعتبار ألفاظها ومعانيها وأساليبها.
وأما ألفاظها فظاهرة للعيان ، وأما معانيها وأساليبها فكان مما يعرف من معانيها اتساع لسانها ، وأن تخاطب بالشيء منه عاما ظاهرا يراد به الظاهر ، ويستغني بأوله عن آخره ، وعامّا ظاهرا يراد به العام ويدخله الخاص ، ويستدل على هذا ببعض الكلام ، وعامّا ظاهرا يراد به الخاص ، وظاهرا يعرف في سياقه أن المراد به غير ذلك الظاهر ، والعلم بهذا كله موجود في أول الكلام أو وسطه أو آخره.
وتبتدئ الشيء من كلامها بين أول اللفظ فيه عن آخره ، أو بين آخره عن أوله ، ويتكلّم بالشيء تعرفه بالمعنى دون اللفظ كما تعرف بالإشارة ، وهذا عندها من أفصح كلامها ، لانفرادها بعلمه دون غيرها ممن يجهله ، وتسمي الشيء الواحد بالأسماء الكثيرة ، وتوقع اللفظ الواحد للمعاني الكثيرة.
فهذه كلها معروفة عندها وتستنكر عند غيرها ، إلى غير ذلك من التصرفات التي يعرفها من زوال كلامهم وكانت له به معرفة وثبت رسوخه في علم ذلك.
فمثال ذلك أن الله تعالى خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل ، وقال تعالى : (وَما
__________________
(١) سورة : النحل ، الآية : ١٠٣.
(٢) سورة : فصلت ، الآية : ٤٤.