وسائر النوافل ، فإنها مستحبات ، وندب صلىاللهعليهوسلم إلى إخفائها ، وإنما يضر إذا كانت تشاع ويعلن بها.
ومن أمثلة هذا الأصل التزام الدعاء بعد الصلوات بالهيئة الاجتماعية معلنا بها في الجماعات. وسيأتي بسط ذلك في بابه إن شاء الله تعالى.
فصل
ومنها : بناء طائفة منهم الظواهر الشرعية على تأويلات لا تعقل ـ يدعون فيها أنها هي المقصود والمراد ، لا ما يفهم العربي ـ مسندة عندهم إلى أصل لا يعقل وذلك أنهم فيما ذكر العلماء : قوم أرادوا إبطال الشريعة جملة وتفصيلا ، وإلقاء ذلك فيما بين الناس لينحل الدين في أيديهم ، فلم يمكنهم إلقاء ذلك صراحا ، فيرد ذلك في وجوههم ، وتمتد إليهم أيدي الحكام ، فصرفوا أعناقهم إلى التّحيّل على ما قصدوا بأنواع من الحيل من جملتها صرف الهم من الظواهر إحالة على أن لها بواطن هي المقصودة ، وأن الظواهر غير مرادة ، فقالوا : كل ما ورد في الشرع من الظواهر في التكاليف والحشر والنشر ، والأمور الإلهية فهي أمثلة ورموز إلى بواطن.
فمما زعموا في الشرعيات أن الجنابة مبادرة الداعي للمستجيب بإفشاء سر إليه قبل أن ينال رتبة الاستحقاق ، ومعنى الغسل تجديد العهد على من فعل ذلك ، ومعنى مجامعة البهيمة مقابحة من لا عهد له ولم يؤد شيئا من صدقة النجوى ـ وهو مائة وتسعة عشر درهما عندهم ـ قالوا : فلذلك أوجب الشرع القتل على الفاعل والمفعول به ، وإلا فالبهيمة متى يجب القتل عليها؟
والاحتلام أن يسبق لسانه إلى إفشاء السر في غير محله ، فعليه الغسل ، أي تجديد المعاهدة والطهر هو التبرؤ من اعتقاد كل مذهب سوى متابعة الإمام ، والتيمم الأخذ من المأذون إلى أن يسعد بمشاهدة الداعي والإمام ، والصيام هو الإمساك عن كشف السر.
ولهم من هذا الإفك كثير في الأمور الإلهية ، وأمور التكليف ، وأمور الآخرة ، وكله حوم على إبطال الشريعة جملة وتفصيلا ، إذ هم ثنوية ودهرية وإباحية ، منكرون للنبوة