فاجلد رأسه بالسيف ، وإن بايع أربعة ونكص رجلان فاجلد رءوسهما حتى يستوثقوا على رجل» (١).
قال : فالجماعة التي أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلزومها وسمى المنفرد عنها مفارقا لها نظير الجماعة التي أوجب عمر الخلافة لمن اجتمعت عليه ، وأمر صهيبا بضرب رأس المنفرد عنهم بالسيف ، فهم في معنى كثرة العدد المجتمع على بيعته وقلة العدد المنفرد عنهم.
قال : وما أخبر الذي ذكر فيه أن لا تجتمع الأمة على ضلالة فمعناه أن لا يجمعهم على إضلال الحق فيما نابهم من أمر دينهم حتى يضل جميعهم عن العلم ويخطئوه ، ذلك لا يكون في الأمة.
هذا تمام كلامه وهو منقول بالمعنى وتحرّ في أكثر اللفظ.
وحاصله : أن الجماعة راجعة إلى الاجتماع على الإمام الموافق للكتاب والسنّة وذلك ظاهر في أن الاجتماع على غير سنّة خارج عن معنى الجماعة المذكورة في الأحاديث المذكورة ، كالخوارج ومن جرى مجراهم.
فهذه خمسة أقوال دائرة على اعتبار أهل السنّة والاتباع ، وأنهم المرادون بالأحاديث ، فلنأخذ ذلك أصلا ويبنى عليه معنى آخر ، وهي :
المسألة السابعة عشرة :
وذلك أن الجميع اتفقوا على اعتبار أهل العلم والاجتهاد سواء ضموا إليهم العوام أم لا ، فإن لم يضموا إليهم فلا إشكال أن الاعتبار إنما هو بالسواد الأعظم من العلماء المعتبر اجتهادهم ، فمن شذّ عنهم فمات فميتته جاهلية ، وإن ضموا إليهم العوام فبحكم التبع لأنهم غير عارفين بالشريعة ، فلا بد من رجوعهم في دينهم إلى العلماء ، فإنهم لو تمالئوا على مخالفة العلماء فيما حدوا لهم لكانوا هم الغالب والسواد الأعظم في ظاهر الأمر ، لقلة
__________________
(١) أخرج نحوه البخاري في كتاب : فضائل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، باب : قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان ، وأخرجه في كتاب : الجنائز ، باب : ما جاء في قبر النبي صلىاللهعليهوسلم وأبي بكر وعمر ، وأخرجه في كتاب : الجهاد ، باب : يقاتل أهل الذمة ولا يسترقون (الأحاديث : ٧ / ٤٩ ، ٥٧).