(؟) إبراهيم ترغيبه في السنة وكراهيته ما أحدث الناس ، بعد تقرير ما تقدم.
وهذه الآثار من تخريج الطبري في تهذيب الآثار له ، وعلى هذا ينبني ما خرّجه ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الدرداء رضي الله عنه : أن ناسا من أهل الكوفة يقرءون عليك السلام ويأمرونك أن تدعو لهم وتوصيهم ، فقال : اقرءوا عليهمالسلام ومروهم أن يعطوا القرآن حقه ، فإنه يحملهم ، أو يأخذ بهم على القصد والسهولة ، ويجنبهم الجور والحزونة ، ولم يذكر أنه دعا لهم.
وأما القسم الثاني : وهو أن يصير العمل العادي أو غيره كالوصف للعمل المشروع إلا أن الدليل على أن العمل المشروع لم يتصف في الشرع بذلك الوصف فظاهر الأمر انقلاب العمل المشروع غير مشروع ، ويبين ذلك من الأدلة عموم قوله عليه الصلاة والسلام : «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد» (١) وهذا العمل عند اتصافه بالوصف المذكور عمل ليس عليه أمره عليه الصلاة والسلام ، فهو إذا ردّ ، كصلاة الفرض مثلا إذا صلاها القادر الصحيح قاعدا أو سبّح في موضع القراءة ، أو قرأ في موضع التسبيح ، وما أشبه ذلك.
وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن الصلاة بعد الصبح ، وبعد العصر ، ونهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها ، فبالغ كثير من العلماء في تعميم النهي ، حتى عدوا صلاة الفرض في ذلك الوقت داخلا تحت النهي ، فباشر النهي الصلاة لأجل اتصافها بأنها واقعة في زمان مخصوص ، كما اعتبر فيها الزمان باتفاق في الفرض ، فلا تصلى الظهر قبل الزوال ، ولا المغرب قبل الغروب.
ونهى عليه الصلاة والسلام عن صيام الفطر والأضحى ، والاتفاق على بطلان الحج في غير أشهر الحج ، فكل من تعبد لله تعالى بشيء من هذه العبادات الواقعة في غير أزمانها
__________________
(١) أخرج نحوه البخاري في كتاب : البيوع ، باب : النجش (الحديث : ٤ / ٢٩٨) ، ووصله في كتاب : الصلح ، باب : إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (الحديث : ٥ / ٢٢١). وأخرجه مسلم في كتاب : الأقضية ، باب : نقض الأحكام الباطلة (الحديث : ١٧١٨). وأخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : لزوم السنة (الحديث : ٢ / ٥٠٦). وأخرجه ابن ماجه في المقدمة ، باب : تعظيم حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم (الحديث : ١٤).