في قوله تعالى : (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (١) وهل يمكن تأويله؟ وجعل يطرق إليه الاحتمالات ، ليسوغ إمكان بعث نبي بعد محمد صلىاللهعليهوسلم ، وكان مقتل هذا المفتري على يد شيخ شيوخنا أبي جعفر بن الزبير رحمهالله.
ولقد حكى بعض مؤلفي الوقت قال : حدثني شيخنا أبو الحسن بن الجياب قال : لما أمر بالتأهب يوم قتله وهو في السجن الذي أخرج منه إلى مصرعه جهر بتلاوة سورة يس ، فقال أحد الذعرة ممن جمع السجن بينهما : اقرأ قرآنك ، لأي شيء تتفضل على قرآننا اليوم؟ أو في معنى هذا ، فتركها مثلا بلوذتيه.
وأما مفارقة الجماعة ، فبدعتها ظاهرة ، ولذلك يجازي مفارقها بالميتة الجاهلية ، وقد ظهر في الخوارج وغيرهم ممن سلك مسلكهم كالعبيدية وأشباههم.
فهذه أيضا من جملة ما اشتملت عليه تلك الأحاديث ، وباقي الخصال المذكورة عائد إلى نحو آخر ، ككثرة النساء وقلة الرجال ، وتطاول الناس في البنيان ، وتقارب الزمان.
فالحاصل أن أكثر الحوادث التي أخبر بها النبي صلىاللهعليهوسلم من أنها تقع وتظهر وتنتشر أمور مبتدعة على مضاهاة التشريع ، لكن من جهة التعبد ، لا من جهة كونها عادية ، وهو الفرق بين المعصية التي هي بدعة ، والمعصية التي هي ليست ببدعة.
وإن العاديات من حيث هي عادية لا بدعة فيها ، ومن حيث يتعبد بها أو توضع وضع التعبد تدخلها البدعة ، وحصل بذلك اتفاق القولين ، وصار المذهبان مذهبا واحدا ، وبالله التوفيق.
فصل
فإن قيل : أما الابتداع ، بمعنى أنه نوع من التشريع على وجه التعبد في العاديات من
__________________
(١) سورة : الأحزاب ، الآية : ٤٠.