تزيد هذه الأمة فرقتين ، وعلى رواية الثنتين والسبعين تزيد فرقة واحدة ، وثبت في بعض كتب الكلام في نقل الحديث أن اليهود افترقت على إحدى وسبعين ، وإن النصارى افترقت على ثنتين وسبعين فرقة ، ووافقت سائر الروايات في افتراق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، ولم أر هذه الرواية هكذا فيما رأيته من كتب الحديث ، إلا ما وقع في جامع ابن وهب من حديث عليّ رضي الله عنه ، وسيأتي.
وإن بنينا على إعمال الروايات ، فيمكن أن تكون رواية الإحدى والسبعين وقت أعلم بذلك ثم أعلم بزيادة فرقة ، أما أنها كانت فيهم ولم يعلم بها النبي صلىاللهعليهوسلم في وقت آخر ، وإما أن تكون جملة الفرق في الملتين ذلك المقدار فأخبر به ، ثم حدثت الثانية والسبعون فيهما فأخبر ذلك عليه الصلاة والسلام. وعلى الجملة فيمكن أن يكون الاختلاف بحسب التعريف بها أو الحدوث ، والله أعلم بحقيقة الأمر.
المسألة العاشرة :
هذه الأمة ظهر أن فيها فرقة زائدة على الفرق الأخرى اليهود والنصارى ، فالثنتان والسبعون من الهالكين المتوعّدين بالنار ، والواحدة في الجنة. فإذا انقسمت هذه الأمة بحسب هذا الافتراق قسمين : قسم في النار ، وقسم في الجنة ، ولم يبين ذلك في فرق اليهود ولا في فرق النصارى ، إذ لم يبين الحديث أن لا تقسيم لهذه الأمة ، فيبقى النظر : هل في اليهود والنصارى فرقة ناجية أم لا؟ وينبني على ذلك نظران : هل زادت هذه الأمة فرقة هالكة أم لا؟ وهذا النظر وإن كان لا ينبني عليه ... لكنه من تمام الكلام في الحديث.
فظاهر النقل في مواضع من الشريعة أن كل طائفة من اليهود والنصارى لا بدّ أن يوجد فيها من آمن بكتابه وعمل بسنته ، كقوله تعالى : (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (١) ففيه إشارة إلى أن منهم من لم يفسق ، وقال تعالى : (فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (٢) ، وقال تعالى :
__________________
(١) سورة : الحديد ، الآية : ١٦.
(٢) سورة : الحديد ، الآية : ٢٧.