أمتي على ضلالة ، ويد الله مع الجماعة ، ومن شذّ شذ إلى النار» (١) ، وخرّج أبو داود عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» (٢).
وعن عرفجة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «سيكون في أمتي هنيات وهنيات ، فمن أراد أن يفرق أمر المسلمين وهم جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان» (٣).
فاختلف الناس في معنى الجماعة المرادة في هذه الأحاديث على خمسة أقوال :
أحدها : أنها السواد الأعظم من أهل الإسلام وهو الذي يدل عليه كلام أبي غالب : إن السواد الأعظم هم الناجون من الفرق ، فما كانوا عليه من أمر دينهم فهو الحق ، ومن خالفهم مات ميتة جاهلية ، سواء خالفهم في شيء من الشريعة أو في إمامهم وسلطانهم ، فهو مخالف للحق.
وممن قال بهذا أبو مسعود الأنصاري وابن مسعود ، فروى أنه لما قتل عثمان سئل أبو مسعود الأنصاري عن الفتنة ، فقال : عليك بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد صلىاللهعليهوسلم على ضلالة ، واصبر حتى تستريح أو يستراح من فاجر. وقال : وإياك والفرقة فإن الفرقة هي الضلالة. وقال ابن مسعود : عليكم بالسمع والطاعة فإنها حبل الله الذي أمر به. ثم قبض يده وقال : إن الذي تكرهون في الجماعة خير من الذين تحبون في الفرقة.
وعن الحسين قبل له : أبو بكر خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : إي والذي لا إله إلا هو ، ما كان الله ليجمع أمة محمد على ضلالة.
فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها ، ومن سواهم داخلون في حكمهم ، لأنهم تابعون لهم ومقتدون بهم ، فكل من خرج عن
__________________
(١) أخرجه الترمذي في كتاب : الفتن ، باب : ما جاء في لزوم الجماعة (الحديث : ٢١٦٨).
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : في قتل الخوارج (الحديث : ٤٧٥٨).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب : الإمارة ، باب : حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع (الحديث : ١٨٥٢). وأخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : في قتل الخوارج (الحديث : ٤٧٦٢) ، وأخرجه في كتاب : تحريم الدم ، باب : قتل من فارق الجماعة (الحديث : ٧ / ٩٣).