ذو القلب المهموم؟ قال : «هو التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا حسد» ، قلنا : فمن على أثره؟ قال : «الذي ينسى الدنيا ويحب الآخرة». قلنا : ما نعرف هذا فينا إلا رافعا مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قلنا : فمن على أثره؟ قال : مؤمن في خلق حسن» (١) قلنا : أما هذا فإنه فينا.
ويروى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاءه رجل فقال : يا رسول الله! أيدالك الرجل امرأته؟ قال : «نعم إذا كان ملفجا» فقال له أبو بكر رضي الله عنه : ما قلت وما قال لك يا رسول الله صلى الله عليك وسلم؟ فقال : «قال : أيماطل الرجل امرأته؟ قلت : نعم إذا كان فقيرا» فقال أبو بكر : ما رأيت الذي هو أفصح منك يا رسول الله فقال : «وكيف لا وأنا من قريش ، وأرضعت في بني سعد؟» (٢).
فهذه أدلة تدل على أن بعض اللغة يعزب عن علم بعض العرب ، فالواجب السؤال كما سألوا فيكون على ما كانوا عليه ، وإلّا زلّ فقال في الشريعة برأيه لا بلسانها.
ولنذكر لذلك ستة أمثلة :
أحدها : قول جابر الجعفي في قوله تعالى : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) (٣) أن تأويل هذه الآية لم يجيء بعد ـ وكذب ـ فإنه أراد بذلك مذهب الرافضة ، فإنها تقول : إن عليّا في السحاب فلا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي علي من السماء : اخرجوا مع فلان فهذا معنى قوله تعالى : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) الآية ، عند جابر حسبما فسّره سفيان من قوله : لم يجيء بعد.
بل هذه الآية كانت في إخوة يوسف ، وقع ذلك في مقدمة كتاب مسلم ، ومن كان ذا عقل فلا يرتاب في أن سياق القرآن دال على ما قال سفيان ، وأن ما قاله جابر لا ينساق.
والثاني : قول من زعم أنه يجوز للرجل نكاح تسع من الحلائل مستدلا بقوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) (٤) لأن أربعا إلى ثلاث إلى اثنتين
__________________
(١) أخرج نحوه في كنز العمال في كتاب : الفتن (الحديث : ٣٠٩٨٧).
(٢) رواه السرقسطي ووثقه الترمذي في السنن.
(٣) سورة : يوسف ، الآية : ٨٠.
(٤) سورة : النساء ، الآية : ٣.