تسع ، ولم يشعر بمعنى فعال ومفعل في كلام العرب وأن معنى الآية : فانكحوا إن شئتم اثنتين اثنتين أو ثلاثا ثلاثا أو أربعا أربعا على التفصيل لا على ما قالوا.
والثالث : قول من زعم أن المحرّم من الخنزير إنما هو اللحم ، وأما الشحم فحلال لأن القرآن إنما حرّم اللحم دون الشحم ، ولو عرف أن اللحم يطلق على الشحم أيضا بخلاف الشحم فإنه لا يطلق على اللحم لم يقل ما قال.
والرابع : قول من قال : إن كل شيء فان حتى ذات الباري ـ تعالى الله عمّا يقولون علوّا كبيرا ـ ما عد الوجه بدليل (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (١) وإنما المراد بالوجه هنا غير ما قال ، فإن للمفسرين فيه تأويلات وقصد هذا القائل ما لا يتجه لغة ولا معنى ، وأقرب قول لقصد هذا المسكين أن يراد به ذو الوجه كما تقول : فعلت هذا لوجه فلان أي : لفلان ، فكان معنى الآية : كل شيء هالك إلا هو. وقوله تعالى : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) (٢) ومثله قوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ* وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٣).
والخامس : قول من زعم ، أن لله سبحانه وتعالى جنبا ، مستدلا بقوله : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (٤) وهذا لا معنى للجنب فيه لا حقيقة ولا مجازا ، لأن العرب تقول : هذا الأمر يصغر في جنب هذا ، أي يصغر بالإضافة إلى الآخر ، فكذلك الآية معناها : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ، أي : فيما بيني وبين الله ، إذ أضفت تفريطي إلى أمره ونهيه إياي.
والسادس : قول من قال في قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر» (٥) إن
__________________
(١) سورة : القصص ، الآية : ٨٨.
(٢) سورة : الإنسان ، الآية : ٩.
(٣) سورة : الرحمن ، الآيتان : ٢٦ ـ ٢٧.
(٤) سورة : الزمر ، الآية : ٥٦.
(٥) أخرج نحوه ولكن بحديث قدسي في البخاري كتاب : الأدب ، باب : لا تسبوا الدهر ، وفي كتاب : تفسير سورة الجاثية ، وفي كتاب : التوحيد ، باب : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) ـ