أمتي البدع وشتم أصحابي ، فليظهر العالم علمه ، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
قال عبد الله بن الحسن : فقلت للوليد بن مسلم : ما إظهار العلم؟ قال : إظهار السنة. والأحاديث كثيرة.
وليعلم الموفق أن بعض ما ذكر من الأحاديث يقصر عن رتبة الصحيح وإنما أتى بها عملا بما أصّله المحدثون في أحاديث الترغيب والترهيب ، إذ قد ثبت ذم البدع وأهلها بالدليل القاطع القرآني والدليل السني الصحيح ، فما زيد من غيره فلا حرج في الإتيان به إن شاء الله.
فصل
الوجه الثالث من النقل : ما جاء عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم في ذم البدع وأهلها وهو كثير.
فما جاء عن الصحابة ما صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب الناس فقال : أيها الناس! قد سنّت لكم السنن ، وفرضت لكم الفرائض ، وتركتم على الواضحة ، إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا ، وصفق بإحدى يديه على الأخرى ، ثم قال : إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم ـ أن يقول قائل : لا نجد حدين في كتاب الله ، فقد رجم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورجمنا ـ إلى آخر الحديث.
وفي الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال : «يا معشر القراء ، استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا ، ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا» (١).
وروي عنه من طريق آخر أنه كان يدخل المسجد فيقف على الخلق فيقول : «يا معشر القراء ، اسلكوا الطريق فلئن سلكتموها لقد سبقتم سبقا بعيدا ، ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا» (٢). وفي رواية ابن المبارك : «فو الله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا» الحديث.
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب : الاعتصام ، باب : الاقتداء بسنن رسول الله صلىاللهعليهوسلم (الحديث : ١٣ / ٢١٧).
(٢) تقدم تخريجه في الحديث الذي قبله.