وعنه أيضا : أخوف ما أخاف على الناس اثنتان : أن يؤثروا ما يرون على ما يعلمون وأن يضلوا وهم لا يشعرون. قال سفيان : وهو صاحب البدعة.
وعنه أيضا : أنه أخذ حجرين فوضع أحدهما على الآخر ثم قال لأصحابه : هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟ قالوا : يا أبا عبد الله ما نرى بينهما من النور إلّا قليلا ، قال : والذي نفسي بيده لتظهرن البدع حتى لا يرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور ، والله لتفشونّ البدع حتى إذا ترك منها شيء قالوا : تركت السنة.
وعنه أنه قال : أول ما تفقدون من دينكم الأمانة ، وآخر ما تفقدون الصلاة ولتنقضن عرى الإسلام عروة عروة ولتطؤن نساءكم وهن حيّض ، ولتسلكن طريق من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة ، وحذو النعل بالنعل ، لا تخطئون طريقهم ولا تخطىء بكم ، وحتى تبقى فرقتان من فرق كثيرة تقول إحداهما : ما بال الصلوات الخمس؟ لقد ضلّ من كان قبلنا ، إنما قال الله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) (١) ، لا تصلون إلا ثلاثا. وتقول الأخرى : إنما المؤمنون بالله كإيمان الملائكة ، ما فيها كافر ولا منافق ، حق على الله أن يحشرهما مع الدجال.
وهذا المعنى موافق لما ثبت من حديث أبي رافع عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا أدري لا أدري ، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه» (٢) فإن السنة جاءت مفسرة للكتاب فمن أخذ بالكتاب من غير معرفة بالسنة زل عن الكتاب كما زلّ عن السنة ، فلذلك يقول القائل : لقد ضل من كان قبلنا إلى آخره.
وهذه الآثار عن حذيفة من تخريج ابن وضاح.
وخرّج أيضا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم.
__________________
(١) سورة : هود ، الآية : ١١٤.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : لزوم السنة (الحديث : ٤٦٠٥). وأخرجه الترمذي في كتاب : العلم ، باب : (١٠) (الحديث رقم : ٢٦٦٦). وأخرجه ابن ماجه في المقدمة (الحديث : ١٣). وأخرجه أحمد (٦ / ٨).