إمام أو خطيب يأخذ أجرا على الإمامة أو الخطابة ، وكذلك لبس الثياب الرفيعة ـ وإن كانت حلالا ـ فقد حكوا عنه قبل أن يستفحل أمره أنه ترك الصلاة خلف خطيب أغمات بذلك السبب ، فقدم خطيب آخر في ثياب حفيلة تباين التواضع ـ بزعمهم ـ فترك الصلاة خلفه.
وكان من رأيه ترك الرأي واتباع مذاهب الظاهرية ، قال العلماء : وهو بدعة ظهرت في الشريعة بعد المائتين ، ومن رأيه أن التمادي على ذرة من الباطل كالتمادي على الباطل كله.
وذكر في كتاب «الإمامة» أنه هو الإمام ، وأصحابه هم الغرباء الذي قيل فيهم : «بدئ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدئ ، فطوبى للغرباء» (١) ، وقال في الكتاب المذكور : جاء الله بالمهدي وطاعته صافية نقية لم ير مثلها قبل ولا بعد ، وأن به قامت السموات والأرض ، وبه تقوم ، ولا ضد له ولا مثل ولا ند انتهى. وكذب ، فالمهدي عيسى عليهالسلام.
وكان يأمرهم بلزوم الحزب بعد صلاة الصبح ، وبعد المغرب ، فأمر المؤذنين إذا طلع الفجر أن ينادوا : أصبح ولله الحمد إشعارا ـ زعموا ـ بأن الفجر قد طلع لإلزام الطاعة ، ولحضور الجماعة ، وللغدوّ لكل ما يؤمرون به.
وله اختراعات وابتداعات غير ما ذكرنا ، وجميع ذلك إلى أنه قائل برأيه في العبادات والعادات ، مع زعمه أنه قائل غير قائل بالرأي ، وهو التناقض بعينه ، فقد ظهر إذن جريان تلك الأشياء على الابتداع.
وأما كون الزكاة مغرما ، فالمغرم ما يلزم أداؤه من الديون والغرامات ، كان الولاة يلزمونها الناس بشيء معلوم من غير نظر إلى قلة مال الزكاة أو كثرته أو قصوره عن النصاب أو عدم قصوره ، بل يأخذونهم بها على كل حال إلى الموت ، وكون هذا بدعة ، ظاهر.
وأما ارتفاع الأصوات في المساجد فناشئ عن بدعة الجدال في الدين ، فإن من عادة
__________________
(١) أخرجه مسلم في كتاب : الإيمان ، باب : بيان أن الإسلام بدأ غريبا (الحديث : ١٤٥). وأخرجه الترمذي في كتاب : الإيمان ، باب : ١٣.