قراءة العلم وإقرائه وسماعه أن يكون في المساجد ، ومن آدابه أن لا ترفع فيه الأصوات في غير المساجد ، فما ظنك به في المساجد؟ فالجدال فيه زيادة الهوى ، فإنه غير مشروع في الأصل ، فقد جعل العلماء من عقائد الإسلام ترك المراء والجدال في الدين ، وهو الكلام فيما لم يؤذن في الكلام فيه ، كالكلام في المتشابهات من الصفات والأفعال وغيرهما ، وكمتشابهات القرآن ، ولأجل ذلك جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) (١) الآية. قال : «فإذا رأيتم الّذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم» (٢) وفي الحديث : «ما ضل قوم بعد هدى إلا أوتوا الجدل» (٣) ، وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : «لا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر» (٤) وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : «إن القرآن يصدق بعضه بعضا ، فلا تكذبوا بعضه ببعض ما علمتم منه فاقبلوه وما لم تعلموا منه فكلوه إلى عالمه» (٥) ، وقال عليهالسلام : «اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم ، فإذا اختلفتم فيه فقوموا عنه» (٦) وخرّج ابن وهب ، عن معاوية بن قرة قال : إياكم والخصومات في الدين فإنها تحبط الأعمال.
__________________
(١) سورة : آل عمران ، الآية : ٧.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب : التفسير ، باب : منه آيات محكمات (الأحاديث : ٨ / ١٥٧ ، ١٥٩). وأخرجه مسلم في كتاب : العلم ، باب : النهي عن اتباع متشابه القرآن (الحديث : ٢٦٦٥). وأخرجه الترمذي في كتاب : التفسير ، باب : ومن سورة آل عمران (الحديث : ٢٩٩٦). وأخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن (الحديث : ٤٥٩٨).
(٣) أخرجه الترمذي في كتاب : التفسير ، باب : ومن تفسير سورة الزخرف (الحديث : ٣٢٥٠). وأخرجه ابن ماجه في المقدمة ، باب : اجتناب البدع والجدل (الحديث : ٤٨). وأخرجه أحمد في المسند (الأحاديث : ٥ / ٢٥٢ ، ٢٥٦). وأورده السيوطي في الدر المنثور (٦ / ٢٠).
(٤) أخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : النهي عن الجدال في القرآن (الحديث : ٤٦٠٣). وأخرجه أحمد في المسند (الأحاديث : ٢ / ٢٥٨ ، ٢٨٦).
(٥) عزاه في كنز العمال إلى الطبراني.
(٦) أخرجه البخاري في كتاب : فضائل القرآن ، باب : اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم ، وأخرجه في كتاب : الاعتصام ، باب : كراهية الاختلاف (الحديث : ٩ / ٨٧). وأخرجه مسلم في كتاب : العلم ، باب : النهي عن اتباع متشابه القرآن (الحديث : ٢٦٦٧).