بينهن ، ولم يلتفت إلى إجماع المسلمين أن ذلك خاص به عليه الصلاة والسلام ، وإما تحريفا لقوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) (١) فأجاز الجمع بين تسع نسوة في ذلك ، ولم يفهم المراد من الراوي ولا من قوله : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) فأتى ببدعة أجراها في هذه الأمة لا دليل عليها ولا مستند فيها.
ويحكى عن الشيعة أنها تزعم أن النبي صلىاللهعليهوسلم أسقط عن أهل بيته ومن دان بحبهم جميع الأعمال ، وأنهم غير مكلفين إلا بما تطوعوا ، وأن المحظورات مباحة لهم كالخنزير والزنا والخمر وسائر الفواحش ، وعندهم نساء يسمين النوابات يتصدقن بفروجهن على المحتاجين رغبة في الأجر ، وينكحون ما شاءوا من الأخوات والبنات والأمهات ، لا حرج عليهم في ذلك ولا في تكثير النساء ، وهؤلاء العبيدية الذين ملكوا مصر وإفريقيا.
ومما يحكى عنهم في ذلك أنه يكون للمرأة ثلاثة أزواج وأكثر في بيت واحد يستولدونها وتنسب الولد لكل واحد منهم ، ويهنأ به كل واحد منهم ، كما التزمت الإباحية خرق هذا الحجاب بإطلاق ، وزعمت أن الأحكام الشرعية إنما هي خاصة بالعوام ، وأما الخواص منهم فقد ترقوا عن تلك المرتبة ، فالنساء بإطلاق حلال لهم ، كما أن جميع ما في الكون من رطب ويابس حلال لهم أيضا ، مستدلين على ذلك بخرافات عجائز لا يرضاها ذو عقل : (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٢) فصاروا أضر على الدين من متبوعهم إبليس لعنهم الله ، كقوله (٣) :
وكنت امرأ من جند إبليس فانتهى |
|
بي الفسق حتى صار إبليس من جندي! |
فلو مات قبلي كنت أحسن بعده |
|
طرائق فسق ليس يحسنها بعدي! |
فصل
ومثال ما يقع في العقل ، أن الشريعة بينت أن حكم الله على العباد لا يكون إلا بما شرع في دينه على ألسنة أنبيائه ورسله ، ولذلك قال تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ
__________________
(١) سورة : النساء ، الآية : ٣.
(٢) سورة : التوبة ، الآية : ٣٠.
(٣) أي قول الشاعر منهم.