الحق ، قال المخبر : فقمت من ذلك المكان فارّا أن يصيبني معهم قارعة.
وهذا نمط الشيعة الإمامية ، ولو لا الغلو في الدين والتكالب على نصر المذهب والتهالك في محبة المبتدع ، لما وسع ذلك عقل أحد ، ولكن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع» (١) ، الحديث ، فهؤلاء غلوا كما غلت النصارى في عيسى عليهالسلام ، حيث قالوا : إن الله هو المسيح ابن مريم ، فقال الله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (٢). وفي الحديث : «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ، ولكن قولوا : عبد الله ورسوله» (٣).
ومن تأمل هذه الأصناف وجد لها من البدع في فروع الشريعة كثيرا ، لأن البدعة إذا دخلت في الأصل سهلت مداخلتها الفروع.
فصل
پوأضعف هؤلاء احتجاجا قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المقامات ، وأقبلوا وأعرضوا بسببها ، فيقولون : رأينا فلانا الرجل الصالح ، فقال لنا : اتركوا كذا ، واعملوا كذا.
ويتفق مثل هذا كثيرا للمتمرسين (٤) برسم التصوف ، وربما قال بعضهم : رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم في النوم ، فقال لي كذا وأمرني بكذا ، فيعمل بها ويترك بها معرضا عن الحدود الموضوعة في الشريعة ، وهو خطأ ، لأن الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعا على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية ، فإن سوغتها عمل بمقتضاها ، وإلا وجب تركها
__________________
(١) تقدم تخريجه ص : ١٢ ، الحاشية : ٣.
(٢) سورة : المائدة ، الآية : ٧٧.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (١ / ٢٤).
(٤) تمرّس بدينه : لعب وتثبّت. والمتمرس : المتدرب.