يصاحب أهلها ، فضلا عن أن يتخذها دينا يدين به الله ، وهو أمر مركوز في الفطرة لا يخالف فيه عاقل.
فإن كان كذلك فإن كل فرقة تنازع صاحبتها في فرقة النجاة. ألا ترى أن المبتدع آخذ أبدا في تحسين حالته شرعا وتقبيح حالة غيره؟ فالظاهر : يدعي أنه المبتدع للسنّة.
والغاش : يدعي أنه الذي فهم الشريعة ، وصاحب نفي الصفات يدعي أنه الموحد.
والقائل باستقلال العبد : يدعي أنه صاحب العدل ، وكذلك سمى المعتزلة أنفسهم أهل العدل والتوحيد.
والمشبه : يدعي أنه المثبت لذات الباري وصفاته ، لأن نفي التشبيه عنده نفي محض ، وهو العدم. وكذلك كل طائفة من الطوائف التي ثبت لها اتباع الشريعة أو لم يثبت لها.
وإذا رجعنا إلى الاستدلالات القرآنية أو السنية على الخصوص ، فكل طائفة تتعلق بذلك أيضا.
فالخوارج : تحتج بقوله عليه الصلاة والسلام : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله» (١) وفي رواية : «لا يضرهم خلاف من خالفهم ، ومن قتل منهم دون ماله فهو شهيد».
والقاعد : يحتج بقوله : «عليكم بالجماعة ، فإن يد الله مع الجماعة ، ومن فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» (٢) وقوله : «كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل» (٣).
__________________
(١) أخرجه مسلم في كتاب : الفتن ، باب : هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (الحديث : ٢٨٨٩). وأخرجه الترمذي في كتاب : الفتن ، باب : ما جاء في سؤال النبي صلىاللهعليهوسلم ثلاثا في أمته (الحديث : ٢١٧٧). وأخرجه أبو داود في كتاب : الفتن ، باب : ذكر الفتن ودلائلها (الحديث : ٤٢٥٢).
(٢) إن حديثه صلىاللهعليهوسلم قد خرج بعدة طرق فقد أخرج الترمذي قوله : «عليكم بالجماعة» بحديث طويل في كتاب : الفتن ، باب : ما جاء في لزوم السنة (الحديث : ٢١٦٦). وأخرج الترمذي قوله : «يد الله مع الجماعة» في كتاب : الفتن ، باب : ٧ (الحديث : ٢١٦٧). وأخرج أبو داود باقي الحديث في كتاب : السنة ، باب : في قتل الخوارج (الحديث : ٤٧٥٨).
(٣) أخرج نحوه الترمذي في كتاب : الفتن ، باب : ما جاء أن تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ـ