أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم» (١).
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : اتقوا الله في دينكم. قال سحنون : يعني : الانتهاء عن الجدل فيه ، وخرّج ابن وهب عن عمر أيضا أن أصحاب الرأي أعداء السنن ، أعيتهم أن يحفظوها ، وتفلتت منهم أن يعوها ، واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا لا نعلم ، فعارضوا السنن برأيهم ، فإياكم وإياهم. قال أبو بكر بن أبي داود : أهل الرأي هم أهل البدع ، وهو القائل في قصيدته في السنّة :
ودع عنك آراء الرجال وقولهم |
|
فقول رسول الله أزكى وأشرح |
وعن الحسن قال : إنما هلك من كان قبلكم حين تشعبت بهم السبل ، وحادوا عن الطريق ، فتركوا الآثار وقالوا في الدين برأيهم فضلوا وأضلوا.
وعن مسروق قال : من رغب برأيه عن أمر الله يضل. وعن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول : السنن السنن ، إن السنن قوام الدين ، وعن هشام بن عروة قال : إن بني إسرائيل لم يزل أمرهم معتدلا حتى نشأ فيهم مولدون سبايا الأمم ، فأخذوا فيهم بالرأي فضلّوا وأضلّوا.
فهذه الآثار وأشباهها تشير إلى ذم إيثار نظر العقل على آثار النبي صلىاللهعليهوسلم.
وذهب جماعة من العلماء إلى أن المراد بالرأي المذموم في هذه الأخبار البدع المحدثة في الاعتقاد ، كرأي أبي جهم وغيره من أهل الكلام ، لأنهم قوم استعملوا قياسهم وآراءهم في رد الأحاديث ، فقالوا : لا يجوز أن يرى الله في الآخرة لأنه تعالى يقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ) (٢) الآية.
فردوا قوله عليه الصلاة والسلام : «إنكم ترون ربكم يوم القيامة» (٣) وتأولوا قول الله
__________________
(١) أخرجه مسلم في كتاب : الحج ، باب : فرض الحج والعمرة (الحديث : ١٣٣٧) ، وأخرجه في كتاب : الفضائل ، باب : توقيره صلىاللهعليهوسلم وترك إكثار سؤاله (الحديث : ١٣٣٧). وأخرجه النسائي في كتاب : الحج ، باب : وجوب الحج (الأحاديث : ٥ / ١١٠ ، ١١١).
(٢) سورة : الأنعام ، الآية : ١٠٣.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب : مواقيت الصلاة ، باب : فضل صلاة العصر ، وباب : فضل صلاة الفجر ، وأخرجه في كتاب : تفسير سورة ق ، وأخرجه في كتاب : التوحيد ، باب : قوله تعالى : ـ