الوجه العاشر : وذلك أنه لا يرثهم ورثتهم من المسلمين ولا يرثون أحدا منهم ، ولا يغسلون إذا ماتوا ، ولا يصلى عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين ، ما لم يكن المستتر ، فإن المستتر يحكم له بحكم الظاهر ، وورثته أعرف بالنسبة إلى الميراث.
والحادي عشر : الأمر بأن لا يناكحوا ، وهو من ناحية الهجران ، وعدم المواصلة.
والثاني عشر : تجريحهم على الجملة ، فلا تقبل شهادتهم ولا روايتهم ، ولا يكونون ولاة ولا قضاة ، ولا ينصبون في مناصب العدالة من إمامة أو خطابة ، إلا أنه قد ثبت عن جملة من السلف رواية جماعة منهم ، واختلفوا في الصلاة خلفهم من باب الأدب ليرجعوا عما هم عليه.
والثالث عشر : ترك عيادة مرضاهم ، وهو من باب الزجر والعقوبة.
والرابع عشر : ترك شهود جنائزهم كذلك.
والخامس عشر : الضرب كما ضرب عمر رضي الله عنه صبيغا.
وروي عن مالك رضي الله عنه في القائل بالمخلوق : أنه يوجع ضربا ويسجن حتى يموت.
ورأيت في بعض تواريخ بغداد عن الشافعي أنه قال : حكم في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجرائد (١) ، ويحلموا على الإبل ، ويطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال : هذا جزاء من ترك الكتاب والسنّة ، وأخذ في الكلام يعني : أهل البدع.
فصل
فإن قيل : كيف هذا وقد ثبت في الشريعة ما يدل على تخصيص تلك العمومات وتقييد تلك المطلقات وفرع العلماء منها كثيرا من المسائل وأصّلوا منها أصولا يحتذى حذوها ، على وفق ما ثبت نقله؟ إذ الظواهر تخرج على مقتضى ظهورها بالاجتهاد ، وبالحريّ إن كان ما يستنبط بالاجتهاد مقيسا على محل التخصيص ، فلذلك قسم الناس البدع ولم يقولوا بذمها على الإطلاق.
__________________
(١) الجرائد : السعف الطويلة المقشورة.