وحاصل ما ذكروا من ذلك يرجع إلى أوجه :
أحدها : ما في الصحيح من قوله صلىاللهعليهوسلم : «من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن سنّ سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا» (١).
وخرّج الترمذي وصححه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من دلّ على خير فله أجر فاعله» (٢).
وخرّج أيضا عن جرير بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من سنّ سنّة خير فاتّبع عليها فله أجره ومثل أجور من اتبعه غير منقوص من أجورهم شيئا ، ومن سنّ سنّة شر فاتّبع عليها كان عليه وزرها ومثل أوزار من اتبعه غير منقوص من أوزارهم شيئا» (٣) حسن صحيح.
فهذه الأحاديث صريحة في أن من سنّ سنّة خير فذلك خير ، ودل على أنه فيمن ابتدع «من سنّ» فنسب الاستنان إلى المكلف دون الشارع ولو كان المراد : «من عمل سنة ثابتة في الشرع» لما قال : «من سن» ويدل على ذلك قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم كفل من دمها لأنه أول من سنّ القتل» (٤) فسن ـ هاهنا ـ على حقيقته لأنه اخترع ما لم يكن قبل معمولا به في الأرض بعد وجود آدم عليهالسلام.
__________________
(١) أخرجه مسلم في كتاب : الزكاة ، باب : الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة (الحديث : ١٠١٧). وأخرجه النسائي في كتاب : الزكاة ، باب : التحريض على الصدقة (الحديث : ٥ / ٧٥ ، ٧٦).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب : الإمارة ، باب : فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره (الحديث : ١٨٩٣). وأخرجه أبو داود في كتاب : الأدب ، باب : الدال على الخير (الحديث : ٥١٣٩).
(٣) أخرجه الترمذي في كتاب : العلم ، باب : فيمن دعا إلى هدى أو إلى ضلالة (الحديث : ٢٦٧٧). وأخرجه مسلم مطولا (الحديث : ١٠١٧).
(٤) أخرجه البخاري (٤ / ١٦٢). وأخرجه مسلم (٥ / ١٠٦). وأخرجه الترمذي (٣ / ٢٦٧). وأخرجه ابن ماجه (٢٦١٦). وأخرجه النسائي (٧ / ٨١). وأخرجه أحمد في المسند (١ / ٣٨٣ ، ٤٣٠).