زينب ، وهو قول عطاء وعبد الله بن عتبة ، وقال جماعة : إنما كان تحريما بيمين.
قال إسماعيل بن إسحاق : يمكن أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم حرمها ـ يعني : جاريته ـ بيمين الله ، لأن الرجل إذا قال لأمته : والله لا أقربك ، فقد حرمها على نفسه باليمين ، فإذا غشيها وجبت عليه كفارة اليمين ، ثم أتى بمسألة ابن مقرن.
ويمكن أن يكون السبب شرب العسل ، وهو الذي وقع في البخاري من طريق هشام عن ابن جريج قال فيه : «شربت عسلا عند زينب بنت جحش ، فلن أعود له ، وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا» (١) ، وإذا كان كذلك فلم يبق في المسألة إشكال ، ولا فرق بين الجارية والعسل في الحكم ، لأن تحريم الجارية كيف ما كان بمنزلة تحريم ما يؤكل ويشرب.
وأما إن فرضنا أن آية العقود هي السابقة على آية التحريم فيحتمل وجهين كالأول.
أحدهما : أن يكون التحريم في سورة التحريم بمعنى الحلف.
والثاني : أن تكون آية العقود غير متناولة للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وأن قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا) (٢) لا تدخل فيه بناء على قول من قال بذلك من الأصوليين ، وعند ذلك لا يبقى في القضية ما ينظر فيه ، ولا يكون للمحتج بالآية متعلق ، والله أعلم.
فصل
إذا ثبت هذا ، فكل من عمل على هذا القصد فعمله غير صحيح ، لأنه عامل إما بغير شريعة لأنه لم يتبع أدلتها ، وإما عامل بشرع منسوخ ، والعمل بالمنسوخ مع العلم بالناسخ باطل بلا خلاف ، لأنه الترهب والامتناع من النساء وغير ذلك إن كان مشروعا ففيما قبل هذه الشريعة من الشرائع ، وقد تقدم قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأنام ،
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب : الطلاق ، باب : قوله تعالى : (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) (الأحاديث : ٩ / ٣٣١ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣). وأخرجه مسلم في كتاب : الطلاق ، باب : وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق (الحديث : ١٤٧٤). وأخرجه أبو داود في كتاب : الأشربة ، باب : شراب العسل (الحديث : ٣٧١٥). وأخرجه النسائي في كتاب : الطلاق ، باب : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) (الأحاديث : ٦ / ١٥١ ، ١٥٢).
(٢) سورة : المائدة ، الآية : ٨٧.