أصحاب الأهواء : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) (١).
وذكر الآجري عن أبي الجوزاء أنه ذكر أصحاب الأهواء فقال : والذي نفس أبي الجوزاء بيده لأن تمتلئ داري قردة وخنازير أحب إليّ من أن يجاورني رجل منهم ، ولقد دخلوا في هذه الآية : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ) إلى قوله : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٢).
والآيات المصرحة والمشيرة إلى ذمهم والنهي عن ملابسة أحوالهم كثيرة ، فلنقتصر على ما ذكرنا ، ففيه ـ إن شاء الله ـ الموعظة لمن اتعظ ، والشفاء لما في الصدور.
فصل
الوجه الثاني من النقل : ما جاء في الأحاديث المنقولة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهي كثيرة تكاد تفوت الحصر إلا أنا نذكر منها ما تيسر مما يدل على الباقي ونتحرى في ذلك ـ بحول الله ـ ما هو أقرب إلى الصحة.
فمن ذلك ما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ» (٣) وفي رواية لمسلم : «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ» وهذا الحديث عدّه العلماء ثلث الإسلام ، لأنه جمع وجه المخالفة لأمره عليهالسلام ، ويستوي في ذلك ما كان بدعة أو معصية.
وخرّج مسلم ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول في خطبته : «أما بعد فإن
__________________
(١) سورة : الأنعام ، الآية : ٦٨.
(٢) سورة : آل عمران ، الآية : ١١٩.
(٣) أخرجه البخاري تعليقا بصيغة الجزم في كتاب : البيوع ، باب : النجش (الحديث : ٤ / ٢٩٨) ووصله في كتاب : الصلح ، باب : إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (الحديث : ٥ / ٢٢١). وأخرجه مسلم في كتاب : الأقضية ، باب : نقض الأحكام الباطلة (الحديث : ١٧١٨). وأخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : لزوم السنة (الحديث : ٢ / ٥٠٦). وأخرجه ابن ماجه في المقدمة ، باب : تعظيم حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم (الحديث : ١٤).