لأحد حجة يستقيم إليها : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (١) ، ولله الحجة البالغة. فهذه قاعدة ينبغي أن تكون من بال الناظر في هذا المقام ، وإن كانت أصولية فهذه نكتتها مستنبطة من كتاب الله. انتهى.
فصل
وأما النقل فمن وجوه :
أحدها : ما جاء في القرآن الكريم مما يدل على ذم من ابتدع في دين الله في الجملة.
فمن ذلك قول الله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) (٢) ، فهذه الآية من أعظم الشواهد. وقد جاء في الحديث تفسيرها : فصحّ من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) قال : «فإذا رأيتهم فاعرفيهم» (٣).
وصحّ عنها أنها قالت : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن هذه الآية : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) ـ إلى آخر الآية ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» (٤).
وهذا التفسير مبهم ، ولكنه جاء في رواية عن عائشة أيضا قالت : تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) الآية ، قال : «فإذا رأيتم الذين
__________________
(١) سورة : النساء ، الآية : ١٦٥.
(٢) سورة : آل عمران ، الآية : ٧.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب : التفسير ، باب : منه آيات محكمات (الحديث : ٤٢٧٣). وأخرجه مسلم في كتاب : العلم ، باب : النهي عن اتباع متشابه القرآن (الحديث : ٦٦٥). وأخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن (الحديث : ٤٥٩٨). وأخرجه الترمذي في كتاب : تفسير القرآن ، باب : ومن سورة آل عمران (الحديث : ٢٩٩٣) و (الحديث : ٢٩٩٤). تحفة الأشراف (١٧٤٦٠).
(٤) تقدم تخريجه في الحديث الذي قبله.