الإرهاب الذي يسميه ولاة الظلم سياسية وأبهة الملك ونحو ذلك ، فظاهر أيضا ؛ وهو نوع من أنواع شريعة القتل المخترعة.
وقد وصف النبي صلىاللهعليهوسلم الخوارج بهذا النوع من الخصال فقال : «إن من ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن لا يتجاوز حناجرهم ، يقتلون أهل الإسلام ، ويدعون أهل الأوثان ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» (١) ، ولعل هؤلاء المرادون بقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة الله عنه : «يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا» (٢) الحديث. يدل عليه تفسير الحسن قال : يصبح محرما لدم أخيه وعرضه ويمسي مستحلا ، إلى آخره.
وقد وضع القتل شرعا معمولا به على غير سنّة الله وسنّة رسوله المتسمى بالمهدي المغربي الذي زعم أنه المبشر به في الأحاديث ، فجعل القتل عقابا في ثمانية عشر صنفا ، ذكروا منها : الكذب ، والمداهنة ، وأخذهم أيضا بالقتل في ترك امتثال أمر من يستمع أمره وبايعوه على ذلك ، وكان يعظهم في كل وقت ويذكرهم ، ومن لم يحضر أدب ، فإن تمادى قتل ، وكل من لم يتأدب بما أدب به ضرب بالسوط المرة والمرتين ، فإن ظهر منه عناد في ترك امتثال الأوامر قتل ، ومن داهن على أخيه أو أبيه أو من يكرم أو المقدم عليه قتل ، وكل من شك في عصمته قتل أو شك في أنه المهدي المبشر به ، وكل من خالف أمره ، أمر أصحابه فعروه ، فكان أكثر تأديبه القتل ـ كما ترى ـ كما أنه كان من رأيه أن لا يصلي خلف
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب : فضائل القرآن ، باب : إثم من راءى بالقرآن أو تأكل به ، وأخرجه في كتاب : أحاديث الأنبياء ، باب : علامات النبوة في الإسلام ، وأخرجه في كتاب : الأدب : ما جاء في قول الرجل : ويلك ، وأخرجه في كتاب : استتابة المرتدين ، باب : قتال الخوارج ، وباب : من ترك قتال الخوارج للتألف وأن لا ينفر الناس عنه (الحديث : ٩ / ٨٦). وأخرجه مسلم في كتاب : الزكاة ، باب : ذكر الخوارج وصفاتهم (الحديث : ١٠٦٤). وأخرجه مالك في الموطأ في كتاب : القرآن ، باب : ما جاء في القرآن (الأحاديث : ١ / ٢٠٤ ، ٢٠٥). وأخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : في قتال الخوارج (الحديث : ٤٧٦٤). وأخرجه النسائي في كتاب : الزكاة ، باب : في المؤلفة قلوبهم ، وأخرجه في كتاب : تحريم الدم ، باب : من شهر سيفه ثم وضعه في الناس (الحديث : ٥ / ٨٧).
(٢) أخرجه الترمذي في كتاب : الفتن ، باب : ٣٣ (الحديث : ٢٢٠٥). وأخرجه أبو داود في كتاب : الفتن ، باب : في النهي عن السعي في الفتنة (الأحاديث : ٤٢٥٩ ، ٤٢٦٢).