الحربي عن أبي ثعلبة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أول دينكم نبوة ورحمة ، ثم ملك وجبرية ، ثم ملك عضوض يستحل فيه الحر والخز» (١) يريد استحلال الفروج الحرام ، والحر بكسر الحاء المهملة والراء المخففة الفرج ، قالوا : ويشبه ـ والله أعلم ـ أن يراد بذلك ظهور استحلال نكاح المحلل ونحو ذلك مما يوجب استحلال الفروج المحرمة ، فإن الأمة لم يستحل أحد منها الزنا الصريح ، ولم يرد بالاستحلال مجرد الفعل ، فإن هذا لم يزل معمولا في الناس ثم لفظ الاستحلال إنما يستعمل في الأصل فيمن اعتقد الشيء حلالا ، والواقع كذلك ، فإن هذا الملك العضوض الذي كان بعد الملك والجبرية قد كان في أواخر عصر التابعين في تلك الأزمان صار في أولي الأمر من يفتي بنكاح المحلل ونحوه ، ولم يكن قبل ذلك من يفتي به أصلا.
ويؤيد ذلك أنه في حديث ابن مسعود رضي الله عنه المشهور : «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعن آكل الربا وشاهديه وكاتبه والمحلل والمحلل له» (٢).
وروى أحمد ، عن ابن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما ظهر في قوم الربا والزنا وإلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله» (٣) فهذا يشعر بأن التحليل من الزنا كما يشعر أن العينة من الربا.
وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا ومرفوعا قال : «يأتي على الناس زمان يستحل فيه خمسة أشياء : يستحلون الخمر بأسماء يسمونها بها ، والسحت بالهدية ، والقتل بالريبة ، والزنا بالنكاح ، والربا بالبيع» ، فإن الثلاثة المذكورة أولا قد سنت ، وأما السحت الذي هو العطية للوالي والحاكم ونحوهما باسم الهدية فهو ظاهر ، واستحلال القتل باسم
__________________
ـ (٢٢) ، باب : (٣).
(١) أخرجه الدارمي في كتاب : الأشربة (الحديث : ٨).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب : المساقاة ، باب : لعن آكل الربا وموكله (الحديث : ١٥٩٧). وأخرجه الترمذي في كتاب : البيوع ، باب : ما جاء في آكل الربا (الحديث : ١٢٠٦). وأخرجه أبو داود في كتاب : البيوع ، باب : في آكل الربا وموكله (الحديث : ٣٣٣٣). وأخرجه ابن ماجه في كتاب : التجارات ، باب : التغليظ في الربا (الحديث : ٢٢٧٧). وأخرجه أحمد في المسند (١ / ٤٠٢).
(٣) أخرجه أحمد في المسند (١ / ٤٠٢).