نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : كنت لا أدري ما (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١) حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها. أي : أنا ابتدأتها.
وفيما يروى عن عمر رضي الله عنه أنه سأل وهو على المنبر عن معنى قوله تعالى : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) (٢) فأخبره رجل من هذيل أن التخوف عندهم هو التنقص وأشباه ذلك كثيرة.
قال الشافعي : لسان العرب أوسع الألسنة مذهبا ، وأكثرها ألفاظا.
قال : ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي. ولكنه لا يذهب منه شيء على عامتها حتى لا يكون موجودا فيها من يعرفه ـ قال ـ والعلم به عند العرب كالعلم بالسنّة عند أهل العلم لا نعلم رجلا جمع السنن فلم يذهب منها على شيء ، فإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن ، وإذا فرق كل واحد منهم ذهب عليه الشيء منها ، ثم كان ما ذهب عليه منها موجودا عند غيره ممن كان في طبقته وأهل علمه قال ، وهكذا لسان العرب عند خاصتها وعامتها لا يذهب منه شيء عليها ، ولا يطلب عند غيرها ، ولا يعلمه إلا من نقله عنها ، ولا يشركها فيه إلا من اتبعها في تعلمه منها ، ومن قبله منها فهو من أهل لسانها ، وإنما صار غيرهم من غير أهله لتركه فإذا صار إليه صار من أهله.
هذا ما قال ولا يخالف فيه أحد ، فإذا كان الأمر على هذا لزم كل من أراد أن ينظر في الكتاب والسنة أن يتعلم الكلام الذي به أدّيت ، وأن لا يحسن ظنه بنفسه قبل الشهادة له من أهل علم العربية بأنه يستحق النظر ، وأن لا يستقل بنفسه في المسائل المشكلة التي لم يحط بها علمه دون أن يسأل عنها من هو من أهلها ، فإن ثبت على هذه الوصاة كان ـ إن شاء الله ـ موافقا لما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام.
روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال : قلنا : يا رسول الله! من خير الناس؟ قال : «ذو القلب المهموم ، واللسان الصادق» ، قلنا : قد عرفنا اللسان الصادق ، فما
__________________
(١) سورة : فاطر ، الآية : ١.
(٢) سورة : النحل ، الآية : ٤٧.