وصحّ من حديث حذيفة ، قال : قلت : يا رسول الله! إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : «نعم» قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : «نعم ، وفيه دخن» قلت : وما دخنه؟ قال : «قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر» قلت : فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : «نعم! دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها» قلت : يا رسول الله! صفهم لنا ، قال : «هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا» قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال : «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال : «فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» (١).
وخرّج الترمذي والطبري عن ابن عمر قال : خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجابية فقال : إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فينا ، فقال : «أوصيكم بأصحابي ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف ، ويشهد ولا يستشهد ، عليكم بالجماعة ، وإياكم والفرقة ، لا يخلونّ رجل بامرأة ، فإنه لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ، الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ، ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فذلك هو المؤمن» (٢).
وفي الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله لا يجمع
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب : الفتن ، باب : كيف الأمر إذا لم تكن جماعة ، وأخرجه في كتاب : أحاديث الأنبياء ، باب : علامات النبوة في الإسلام (الأحاديث : ١١ / ٣٠ ، ٣١). وأخرجه مسلم في كتاب : الإمارة ، باب : وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن (الحديث : ١٨٤٧). وأخرجه أبو داود في كتاب : الفتن ، باب : ذكر الفتن ودلائلها (الأحاديث : ٤٢٤٤ ، ٤٢٤٥ ، ٤٢٤٦ ، ٤٢٤٧).
(٢) أخرجه الترمذي في كتاب : الفتن ، باب : ما جاء في لزوم الجماعة (الحديث : ٢١٦٦). وأخرجه أحمد في المسند (الأحاديث : ١١٤ ، ١٧٧). وأخرجه الحاكم في كتاب : الإيمان.