مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) (١) فهذا من العام الظاهر الذي لا خصوص فيه فإن كل شيء من سماء وأرض وذي روح وشجر وغير ذلك فالله خلقه ، وكل دابة على الله رزقها ، (وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها) (٢).
وقال الله تعالى : (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) (٣) فقوله : ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ، إنما أريد به من أطاق ومن لم يطق فهو عام المعنى ، وقوله : ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ، عام فيمن أطاق ومن لم يطق ، فهو عام المعنى.
وقوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) (٤) فهذا من العام المراد به الخاص ، لأنهما لم يستطعما جميع أهل القرية.
وقال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا) (٥) فهذا عام لم يخرج عنه أحد من الناس ، وقال إثر هذا : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٦) فهذا خاص ، لأن التقوى إنما تكون على من عقلها من البالغين.
وقال تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) (٧) فالمراد بالناس الثاني الخصوص لا العموم ، وإلا فالمجموع لهم الناس ناس أيضا وهم قد خرجوا ، لكن لفظ الناس يقع على ثلاثة منهم ، وعلى جميع الناس ؛ وعلى ما بين ذلك ، فيصح أن يقال : إن الناس قد جمعوا لكم ، والناس الأول القائلون كانوا أربعة نفر.
__________________
(١) سورة : هود ، الآية : ٦.
(٢) سورة : هود ، الآية : ٦.
(٣) سورة : التوبة ، الآية : ١٢٠.
(٤) سورة : الكهف ، الآية : ٧٧.
(٥) سورة : الحجرات ، الآية : ١٣.
(٦) سورة : الحجرات ، الآية : ١٣.
(٧) سورة : آل عمران ، الآية : ١٧٣.