وابتدع جعفر بن مبشر من استصر امرأة (؟) ليتزوجها فوثب عليها فوطئها بلا ولي ولا شهود ولا رضى ولا عقد حل له ذلك ، وخالفه في ذلك سلفه.
وقال ثمامة بن أشرس : إن الله يصير الكفار والملحدين وأطفال المشركين والمؤمنين والمجانين ترابا يوم القيامة لا يعذبهم ولا يعرضهم.
وهكذا ابتدعت كل فرقة من هذه الفرقة بدعا تتعلق بأصل بدعتها التي هي معروفة بها ، وبدعا لا تعلق لها بها.
فإن كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أراد بتفرق أمته أصول البدع التي تجري مجرى الأجناس للأنواع ، والمعاقد للفروع لعلهم ـ والعلم عند الله ـ ما بلغن هذا العدد إلى الآن ، غير أن الزمان باق والتكليف قائم والخطرات متوقعة ، وهل قرن أو عصر يخلو إلا وتحدث فيه البدع؟
وإن كان أراد بالتفرق كل بدعة حدثت في دين الإسلام مما لا يلائم أصول الإسلام ولا تقبلها قواعده من غير التفات إلى التقسيم الذي ذكرنا كانت البدع أنواعا لأجناس ، أو كانت متغايرة الأصول والمباني.
فهذا هو الذي أراده عليه الصلاة والسلام ـ والعلم عند الله ـ فقد وجد من ذلك عدد أكثر من اثنتين وسبعين.
ووجه تصحيح الحديث على هذا ، أن تخرج من الحساب غلاة أهل البدع ، ولا يعدون من الأمة ولا في أهل القبلة ، كنفاة الأعراض من القدرية لأنه لا طريق إلى معرفة حدوث العالم وإثبات الصانع إلا بثبوت الأعراض ، وكالحلولية والنصيرية وأشباههم من الغلاة.
هذا ما قال الطرطوشي رحمهالله تعالى ، وهو حسن من التقرير. غير أنه يبقى للنظر في كلامه مجالان.
أحدهما : أن ما اختار من أنه ليس المراد الأجناس فإن كان مراده أعيان البدع وقد ارتضى اعتبار البدع القولية والعملية فمشكل ، لأنا إذا اعتبرنا كل بدعة دقت أو جلت فكل من ابتدع بدعة كيف كانت لزم أن يكون ومن تابعه عليها فرقة ، فلا تقف في مائة ولا مائتين ،