فالأئمة وعلى رأسهم جدّهم محمد بن عبد الله عليهمالسلام قد فاقوا الأولين والآخرين ، وبلغوا فيه حدّا لا يحتاج أحد إلى شيء من أمور دينه ودنياه وسعادته وآخرته إلّا كان علمه عندهم ولهم الجواب وهم الدعاة إلى سبيل الخير والسعادة الواقعية ، ولهم الإشراف على الأمور حتى النيات والأعمال وعلى ما يقع وما سيقع وعلى منطق الطيور وعلى ما يحتاج إليه الجن وغيرهم ، فنحن غير قادرين على وصفهم ، فقد وصفوا أنفسهم بأنفسهم كما في الزيارة الجامعة : كيف أصف حسن ثنائكم وأحصي جميل بلائكم ، وبكم أخرجنا الله من الذلّ وفرّج عنّا غمرات الكروب ...».
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : إنّ الله لا يجعل حجته في أرضه يسأل عن شيء فيقول لا أدري (١).
وعنه عليهالسلام قال :
إنّ الله تعالى أحكم وأكرم وأجلّ وأعظم وأعدل من أن يحتج بحجة ثم يغيب عنهم شيئا من أمورهم (٢).
وفي تعبير آخر قال عليهالسلام :
من شك أنّ الله تعالى يحتجّ على خلقه بحجة لا يكون عنده كل ما يحتاجون إليه فقد افترى على الله (٣).
وورد عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول :
لا والله لا يكون عالم جاهلا أبدا ، عالما بشيء جاهلا بشيء ، ثم قال : الله أجلّ وأعزّ وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه ؛ ثم قال : لا يحجب ذلك عنه (٤).
وعن سيف التمّار قال :
كنا مع أبي عبد الله عليهالسلام وجماعة من الشيعة في الحجر ، فقال : علينا عين ، فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا ، فقلنا : ليس علينا عين ، فقال : وربّ
__________________
(١) رسالة التنبيه للحر العاملي نقلا عن الكافي.
(٢) بصائر الدرجات : ج ٣ ص ١٤٣.
(٣) نفس المصدر.
(٤) أصول الكافي : ج ١ ص ٢٦٢.