لما سواه ليعرفوه تعالى بمباينته لحدود خلقه ...» فطاعتهم هي طاعة الله تعالى في نفس الأمر بإيقاعها له تعالى بتبيينهم وتوضيحهم مشفوعة بولايتهم ومحبتهم والبراءة من أعدائهم ، ولا يلزم على الظاهر أنّ من أطاع الله فقد أطاعهم لما ورد في حديث مناقب ابن شاذان يرفعه إلى ابن مسعود أنه قال : قال رسول الله لما خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه الروح ، عطس فقال الحمد لله فأوحى الله تعالى حمدتني عبدي وعزتي وجلالي لو لا عباد أريد أن اخلقهم من ظهرك لما خلقتك فارفع رأسك يا آدم وانظر قال : فرفع رأسه فرأى على العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله نبي الرحمة وعليّ أمير المؤمنين مقيم الحجة فمن عرف حقه زكى وطاب ومن أنكر حقه كفر وخاب أقسمت على نفسي بنفسي وبعزتي وجلالي أنّي أدخل الجنّة من أطاع عليّا وإن عصاني ، وأقسم بعزتي وجلالي أني أدخل النار من عصى عليّا وإن أطاعني» (١).
وهذا مروي في المتواتر معنى عند الفريقين ، فكانت طاعته تعالى في الظاهر قد لا تكون طاعة لهم ، نعم إذا أريد بالطاعة الطاعة التي هي عند الله تعالى وعندهم طاعة فهي طاعة الله الناشئة عن طاعتهم يعني على النحو الذي أطاعوا به الله عزوجل وأمروا أن يطاع به الله سبحانه وهي ما أخذت عنهم ورضوا بها طاعة لله تعالى ولا تكون إلّا بطاعتهم وإنما سميت تلك طاعة له تعالى على زعمهم أنها طاعة له وليست بطاعة بل هي معصية له ، ولهذا يدخل صاحبها النار وذلك لأنه تعالى أمر عباده بأن يأتوا البيوت من أبوابها وقد جعلهم عليهمالسلام أبوابه وأمر عباده بأن يطيعوه بطاعتهم ، وأخبرهم بأن من أطاعني بطاعة غيرهم فقد أشرك بي ، فهم يطيعونه بطاعة أعدائهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فأخبر سبحانه عن حالهم يوم القيامة فقال : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٣) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٤)) (الأنعام / ٢٣ ـ ٢٤) ، فقال تعالى لنبيّه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا محمد انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون.
ففي الكافي عن مولانا الإمام الصادق عليهالسلام في كلام له يعرّض بالمرجئة بعد أن تركهم ومضى عنهم ، فلمّا خرج من المسجد قال الإمام للراوي :
__________________
(١) المناقب لابن شاذان ص ١٣٨ ط دار العالم الإسلامي ، بيروت.