مستقلا وكونهم أولى بالتصرف في أموال الناس ورقابهم بتطليق أزواجهم وبيع أموالهم وغير ذلك من التصرفات ، ويدلّ عليه ما تقدم من الآيات كقوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فإنّ الظاهر من الأولوية ، إنما هي الأولوية في التصرّف وكونهم أولياء لهم في ذلك ، وما ثبت للنبي فهو للإمام عليهالسلام لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«من كنت مولاه فهذا علي مولاه ...».
وبالجملة لا شبهة في ولايتهم واستقلالهم في التصرف بأموال الناس وأنفسهم ، وتوهّم كون السيرة على خلاف ذلك وأنّ الأئمة لم يأخذوا مال الناس بغير المعاملات المتعارفة بينهم فاسد ، وذلك من جهة أنّ غير أمير المؤمنين عليهالسلام لم يكن متمكنا من العمل بقوانين الإمامة بل كانوا تحت أستار التقية بل الأمير عليهالسلام أيضا في كثير من الموارد لم يفعل ذلك لأجل المصلحة وعدم الاحتياج إلى مال الناس وإلّا فلا يكشف عدم الفعل على عدم الولاية كما لا يخفى.
فمقتضى ولايتهم التشريعية تستلزم وجوب طاعتهم المؤكدة بقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).
وكما قال الامام الهادي عليهالسلام في الزيارة الجامعة المقدّسة :
«فبحق من ائتمنكم على سرّه واسترعاكم أمر خلقه وقرن طاعتكم بطاعته لما استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي فإني لكم مطيع ، من أطاعكم فقد أطاع الله ومن عصاكم فقد عصى الله ومن أحبكم فقد أحبّ الله ومن أبغضكم فقد أبغض الله».
فلما ذا قرن الله سبحانه طاعتهم بطاعته؟
فعل ذلك سبحانه وكما دلّ عليه قوله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (النساء / ٨١) لأنه لمّا كان تعالى بائنا من خلقه بينونة صفة لا بينونة عزلة وكان مصير كل شيء إليه ، وجب في اللطف أن يميّز خلقه بحدودهم التي هي غيوره كما قال الإمام الرضاعليهالسلام في خطبته : كنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره (١) تحديد
__________________
(١) في نسخة عيون أخبار الإمام الرضا عليهالسلام ج ١ / ١٣٦ باب ١١ : (وغيوره تحديد ...) وفي نسخة التوحيد ص ٣٦ (وغبوره تحديد ...) وعلى كل : فالغبور «بالباء» بمعنى البقاء ، أي بقاؤه الملازم لعدم محدوديته محدّد لما سواه. والغيور «بالياء» بمعنى المغايرة بينه وبين خلقه ، من حيث القدمية والحدوث ، فقدمه يوجب حدوث ما سواه.