بعض نساء بني إسرائيل عند ما فعلن البغاء ، هذا بالإضافة إلى أن الطمث يمنعها من الدخول إلى المساجد وعن الصلاة وعن الصوم ، بل يحرّم عليها لمس آيات الكتاب العزيز (١) وما إلى ذلك من أمور تشير إلى أن المرأة حال الحيض ليست في وضع يمكنها من أن تعيش الأجواء الروحية بكل حيويتها وصفائها وقوّتها.
هذا الحدث الذي لا يرفعه وضوء ولا غسل للعيش في الأجواء العبادية ، إلى أن يرتفع هو بنفسه ويزول ، كل ذلك إشارة إلى خباثته ونجاسته وقد نزّه الله تعالى الزهراء عليهاالسلام عنه لكونها المطهرة من الأرجاس والأنجاس بمحكم القرآن إكراما لها وتأكيدا على تميّزها عن كل من عداها دون أن يكون في ذلك أي تغيير في طبيعتها الأنثوية ، والله تعالى هو مسبب الأسباب وهو قادر على أن يتجاوز قانون العلية والتسبيب لا بالخروج عنه وتحطيمه ، والزهراء عليهاالسلام كحور العين لا يصيبهن طمث كما ورد في النصوص الصريحة.
قد يقال :
قلتم أن حور العين لا يحضن (وذلك لحكمة عدم التوالد في الجنة لذا لم يلق الله عليهن الحيض) بعكس الحيض في الدنيا فحيث إنّه من مقتضيات التوالد فلا مانع حينئذ أن تصاب الزهراء بالحيض كغيرها من النساء!!
والجواب :
صحيح أن الحكمة من الحيض قد يكون للتوالد ، فحيث لم تحض المرأة لا تحمل ، ولكن الزهراء عليهاالسلام أولدت خمسة أولاد من دون سبق حيض عليها إكراما وإجلالا لها والله مسبب الأسباب ومفتّح الأبواب.
رابعا : ليس كلّ خارج عن المألوف أو الحالات الطبيعية يعتبر نقصا وعيبا ، إذ لا ملازمة بالخروج عن الحالة الطبيعية وبين النقص والعيب ، ولو كان هناك ملازمة بينهما لاعتبر خروج مريم عليهاالسلام عمّا هو المألوف والطبيعي (في ولادة عيسى عليهالسلام حيث حملت به ولم يمسسها بشر ومثلها زوجة إبراهيم عليهالسلام حيث حملت وهي عجوز وكذا حملت زوجة زكريا عليهالسلام وهي عاقر) أمرا غير طبيعي ونقصا وعيبا يفرض بحكمة العقل والنقل أن لا يفعله الباري بخاصة أوليائه لاستلزامه التنفير من قبول الدعوة وشماتة الأعداء بعيسى وبإسحاق وبيحيى.
__________________
(١) بل ورد في الصحيح أنّ الملائكة تتأذّى من وجود الحائض عند المحتضر.