فيقصد الشارع تحصيلها في الجملة من غير أن يقصد حصولها من كل أحد ، ولا خفاء في أنّ ذلك من الأحكام العملية دون الاعتقادية ...».
إلى أن قال في المقصد الرابع من الإمامة :
ليست (أي الإمامة) من أصول الديانات والعقائد ، خلافا للشيعة ، بل هي عندنا من الفروع المتعلّقة بأفعال المكلّفين ، إذ نصب الإمام عندنا واجب على الأمة سمعا ، وإنما ذكرناه في علم الكلام تأسيا بمن قبلنا ...» (١).
وقال الإيجي :
«وهي عندنا من الفروع ، وإنما ذكرناها في علم الكلام تأسّيا بمن قبلنا» (٢).
وقال الآمدي :
«واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أصول الديانات ، ولا من الأمور اللابدّيات ، بحيث لا يسع المكلّف الإعراض عنها والجهل بها بل لعمري إنّ المعرض عنها لأرجى من الواغل فيها ، فإنها قلّما تنفك عن التعصّب ، والأهواء ، وإثارة الفتن والشحناء ، والرجم بالغيب في حق الأئمة والسّلف بالإزراء ، وهذا مع كون الخائض فيها سالكا سبيل التحقيق ، فكيف إذا كان خارجا عن سواء الطريق ...» (٣).
فيظهر من كلماتهم أنّ وجوبها كفائي سمعي لا عقلي كما يعتقده الشيعة الاثنا عشرية ، والاسماعيلية المعتقدون بوجوبها عقلا وسمعا ، لكون الإمامة التي من آثارها الخلافة هي متممة لوظائف النبوة وإدامتها عدا الوحي ، فكل وظيفة من وظائف الرسول من هداية البشر وإرشادهم وسوقهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة في الدارين وما شابه ذلك ثابتة للإمام أو الخليفة المنصوب من قبل الله سبحانه.
وبعبارة : فكما أنّ وجود الدين متوقف على النبي ، فكذا بقاؤه متوقف على الإمامة بلا ريب.
__________________
(١) شرح المقاصد : ج ٢ ص ٢٧١.
(٢) المواقف : ص ٣٩٥.
(٣) غاية المرام في علم الكلام : ص ٣٦٣ للآمدي.