مشتركا بينهما (١).
وقال الشيخ المفيد (قدسسره) :
من الأخبار على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : بلا اختلاف بين الأمة «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي» فحكم له بالفضل على الجماعة ، والنصرة والوزارة والخلافة في حياته وبعد وفاته ، والإمامة له بدلالة أنّ هذا المنازل كلها كانت لهارون من موسى في حياته وإيجاب جميعها لأمير المؤمنين عليهالسلام إلّا ما أخرجه الاستثناء منها ظاهرا وأوجبه بلفظ «بعد» له من بعد وفاته ، وبتقدير ما كان يجب لهارون من موسى لو بقي بعد أخيه ، فلم يستثنه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فبقي لأمير المؤمنين عموم ما حكم له من المنازل ، وهذا نص على إمامته ، لا خفاء به على من تأمله ، وعرف وجوه القول فيه وتبيّنه (٢).
ثم قال (قدسسره) في موضع آخر :
فتضمن هذا القول من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نصّه عليه بالإمامة ، وإبانته من الكافّة بالخلافة ، ودلّ به على فضل لم يشركه فيه أحد سواه ، وأوجب له به جميع منازل هارون من موسى إلّا ما خصّه العرف من الأخوّة واستثناه هو من النبوّة ، ألا ترى أنه عليهالسلام جعل له كافّة منازل هارون من موسى إلّا المستثنى منها لفظا وعقلا ، وقد علم كلّ من تأمّل معاني القرآن وتصفّح الروايات والأخبار أنّ هارون كان أخا موسى عليهالسلام لأبيه وأمّه ، وشريكه في أمره ، ووزيره على نبوّته وتبليغه رسالات ربّه ، وأنّ الله سبحانه شدّ به أزره ، وأنّه كان خليفته على قومه ، وكان له من الإمامة عليهم وفرض الطاعة كإمامته وفرض طاعته ، وأنّه كان أحبّ قومه إليه وأفضلهم لديه.
قال الله عزوجل حاكيا عن موسى عليهالسلام : (قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٦) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٧) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٨) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٩) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٣٠) هارُونَ أَخِي (٣١) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣٢) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٣) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٤) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٥) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً (٣٦) قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) (طه / ٢٦ ـ ٣٦) فأجاب الله
__________________
(١) نفس المصدر السابق.
(٢) الإفصاح في الإمامة للمفيد : ص ٣٣ ط. دار المفيد بيروت.