«اللهم أعط شريعتك للملك وعدلك لابن الملك ...» ، هذا عدا عن الاختلافات الأخرى الموجودة في النسخة المذكورة أعلاه.
وينسب بعض مترجمي ومفسّري العهد القديم من اليهود والنصارى هذا المزمور إلى نبيّ الله داود ، كما ينسبه البعض الآخر منهم إلى سليمان ، فيكون الملك هو داود وابنه هو سليمان. لكنّ النصارى قالوا بأنّ المقصود ب «الملك» هناك هو عيسى المسيح وبأن جميع ما جاء في هذا المزمور ، جاء بشارة به عليهالسلام ؛ ولكنهم لم يعطوا أيّ تفسير بما يخصّ عبارة «ابن الملك».
لكن يرد على هذين الرأيين ما يلي :
أولا : أنّ النبي داود عليهالسلام لم يكن صاحب شريعة لكي يقول «اللهم أعط شريعتك للملك» أو «أعط أحكامك للملك» ، لأنه عليهالسلام لم يأت بشريعة جديدة ، بل كان نفسه خاضعا لشريعة موسى عليهالسلام.
ثانيا : لا يعقل أن يسمّى داود نفسه ب «الملك» وهو في مقام تذلّل وتضرّع وخشوع أمام ملك الملوك وخالق السماوات والأرض ، فإنّ ذلك لا يصدر عن أكثر الناس جهلا بمقام الربوبية فضلا عن أن يصدر عن نبي من أنبياء الله ، لا سيما وأنه في مقام الدّعاء والخضوع لله تعالى ، هذا مضافا إلى أن الله تعالى أعطاه الأحكام حيث جعله نبيّا يوحى إليه أحكام الله ، فلا معنى حينئذ لأن يطلب داود ذلك ثانية.
ثالثا : أنّ سجود كلّ الملوك ، وخدمة كلّ الأمم لابن الملك لا ينطبق شيء من هذا على داود عليهالسلام ، حيث لم يعرف أنّ الأمم والشعوب خارج فلسطين كانت وما تزال تخشاه على مرّ الأجيال والعصور ، ولا أنّ الملوك والأمم من خارج فلسطين كانت تطيعه وتخدمه.
ونحن إذا ما أخذنا بما جاء في الفقرة الخامسة عشرة (... وليصلّ عليه دائما وليبارك كلّ يوم) ، وأيضا ما جاء في الفقرة السابعة عشرة (ويبقى اسمه أبد الدهر! ويتباركون به وكلّ الأمم تنادي باسمه سعيدة) لوجدنا أنّ أيّا من هذه الصفات لا تنطبق على نبيّ الله داود عليهالسلام. كما إنّ هذه العبارة (ويتباركون به وكلّ الأمم تنادي باسمه سعيدة) وأيضا عبارة (ويسجد له كلّ الملوك. وكلّ الأمم تخدمه) تشير إلى أنّ وعد الله لإبراهيم عليهالسلام بأن يجعل الأمم تتبارك به قد تحقّق بظهور هاتين الشخصيتين العظيمتين من نسله والتي يناجي داود عليهالسلام