والسياسية ، وإلّا فجهله بها يعدّ بخسا في درجته ومنزلته ، وحطّا في كرامته عليهالسلام ، هذا مضافا لاستلزامه الجهل والاحتياج إلى غيره وهو قبيح عقلا ونقلا ، لأنه يؤدّي إلى تقديم المفضول على الفاضل وقد عرفت فيما تقدم قبحه ، علاوة عليه أن هذا الكلام مخالف لظواهر الآيات والأخبار الدالّة على عمومية (١) علم الإمام عليهالسلام وإحاطته بكل الأمور لكونه الحجة على من في الأرض والسماء.
قد يقال :
إن السيد الشهيد عليه الرحمة قد كان بصدد بيان تقريب الفكرة لمن لا يعتقد فما تعتقده الامامية بالمهدي عليهالسلام ويشهد لهذا ما ذكره الشهيد نفسه في بحثه بالقول : «وعلى هذا الأساس نقطع النظر مؤقتا عن الخصائص التي نؤمن بتوفرها في هؤلاء الأئمة المعصومينعليهمالسلام».
يرد عليه :
١ ـ يتم ما ذكره الشهيد فيما لو كان هذا المدّخر شخصا عاديا غير مسدد بالالطاف الإلهية ، وأما على المبنى الإمامي القائل بوجوب التسديد لكونه سفيرا وحجة فلا معنى حينئذ لضرب المثال عليه لتتوضح الفكرة لدى الآخرين الذين لا يؤمنون بالغيب ، لأن من لا يؤمن بالتسديد الإلهي لا يؤمن بطول عمر هذا القائد الفذ ، لا سيما أن طول عمرهعليهالسلام إنما هو بسبب إعجازي لا مدخلية للأسباب المادية فيه مهما عظمت قيمتها العلمية. هذا مضافا إلى أن كلام الشهيد يستوجب تضعيف علم الإمام الحضوري الذي قامت الأدلة على صحته ، أو على أقل تقدير يؤدي إلى تضعيف علمه الإرادي الدال على أنه لو شاء أن يعلم لأعلمه الله سبحانه دون حاجة إلى استعانة بمخلوق مثله.
٢ ـ يظهر من السيد الشهيد (قدّس سره) عدم اعتقاده بعلم الإمام بالموضوعات الصرفة ، لأن القول بالخصائص المزبورة التي ذكرها الشهيد والتي منها العصمة لا يستلزم الاعتقاد بالعصمة المطلقة الدالة على تنزهه عن الجهل بالموضوعات الصرفة ، لأن مقتضى اعتقاده بالعصمة المطلقة يستلزم عدم تقييده بما ذكره آنفا ، لأن الله القادر على اطلاع الامام بالموضوعات التي يترتب عليها حكم شرعي ، هو قادر أيضا على اطلاعه على الموضوعات الصرفة بدون حاجة
__________________
(١) أصول الكافي : باب الحجة ، ورسالة المعارف السلمانية بتحقيقنا ط. دار الجواد ونشر دار السيرة.