إلى مواكبة الحضارات لتعميق خبرته القيادية.
٣ ـ إن التمثيل بغياب الإمام عليهالسلام لاكتساب الخبرة القيادية لا شاهد عليه من عقل أو نقل ، فلا العقل يحكم بأن غيابه كان لأجل اكتساب الخبرة لأن القول به يستلزم الجهل وهو منزه عنه ، هذا مضافا إلى أنه قد يغيب لمصلحة خفيت علينا كما غاب النبي عيسى عن أنظار الخلق حيث يدّخره الله سبحانه لليوم الموعود ولا أحد من المسيحيين والمسلمين يقول أنه غاب ليكتسب الخبرة القيادية ، فما ثبت لعيسى عليهالسلام فليثبت لمولانا الحجة المنتظرعليهالسلام. فحيث أن العقل لا يحكم بذلك فكذا الشرع لأن النصوص دلت على عكس المدّعى.
عود على بدء :
نقول في الجواب عن النقطة الثانية :
إنّ الإمام (عج) الشريف لم يختف حبّا بالعزلة ، وفي الحقيقة ليس بمقدوره أن يختفي طوال هذه المدّة من دون تأييد إلهي يمدّه بالعمر الطويل ، فغيابه عليهالسلام نتيجة أسباب وعوامل اقتضت أن لا يظهر على الناس إلّا على الخلّص من أوليائه.
ويمكن الاستدلال على علّة غيبته (عج) الشريف بأمور :
الأول : أنّ الله تعالى بمقتضى حاكميته وحكمته لا يفعل عبثا ومن دون ترتّب مصلحة على أيّ فعل من أفعاله عزوجل بل لا يفعل إلّا الأحسن والأصلح. وبما أنّ غيبة مولانا المهدي (عج) الشريف من الحوادث التي تكون بتدبير منه تعالى فلا بدّ وأن تكون جارية على وفق المصلحة والحكمة ، أدركنا تلك المصلحة أو لم ندركها ، عرفنا ذلك السّبب أو لا ، ولا يصحّ في حكم العقول إنكار المصلحة في غيبة وليّه وحجّته ، لأنّ مداركنا وعقولنا قاصرة عن إدراك ظواهر كثير من الأشياء وسنن عالم التكوين والتشريع فكيف بمن تعلّقت مشيئته سبحانه بوليّه الأعظم (عج) الشريف الذي ادخره لنفسه لينتقم به من الجبّارين والمارقين. فحقيقة غيبته لا تنكشف كاملا إلّا بعد ظهوره وأنّه من أسرار الله كما في حديث عن مولانا الصادق عليهالسلام قال : «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدّ منها يرتاب فيها كلّ مبطل» ، قال له السائل : لم جعلت فداك؟ قال عليهالسلام : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم ، قال السائل : فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال : وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره ، إنّ وجه