الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره كما لا ينكشف وجه الحكمة لمّا أتاه الخضرعليهالسلام من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى عليهالسلام إلّا وقت افتراقهما.
يا ابن الفضل : إنّ هذا الأمر من أمر الله وسرّ من سرّ الله وغيب من غيب الله ومتى علمنا أنه عزوجل حكيم صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف لنا (١).
الثاني : التأديب لعموم المكلّفين ، حيث إن الاعتزال عنهم نوع تأديب لهم لعلّهم إليه تعالى يرجعون وعن الغيّ يعرضون لا سيّما من انتسب إليه بالعقيدة ، لذا ورد عن زياد المكفوف قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : «كأنّي بكم تجولون جولان الإبل تبتغون المرعى فلا تجدونه يا معشر الشيعة» (٢).
وعن مولانا أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّ الله تعالى إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم» (٣).
وعن عباية الأسدي قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : «كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم يرى ، يبرأ بعضكم من بعض» (٤).
الثالث : الخوف من القتل :
ورد فوق حدّ الاستفاضة نصوص تفيد أنه (عج) الشريف يخاف القتل لو خرج قبل المبررات الموضوعية منها :
ما ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا بدّ للغلام من غيبة ، فقيل له : ولم يا رسول الله؟ قال : يخاف القتل.
بالطبع خوفه من القتل على شيعته وإلّا فهو لا يخاف الموت وكيف وهو الصادق الأمين.
نعم ، يمكن حمل خوفه من القتل أنّه إذا خرج قتلوه ، فيسبب مقتله تأخرا في
__________________
(١) البحار : ج ٥٢ / ٩١.
(٢) البحار : ج ٥١ / ١١٠.
(٣) نفس المصدر : ج ٥٢ ص ٩٠.
(٤) البحار : ج ٥١ ص ١١١.