ولا يكون إلّا بتكاليف عدّة هي موجبات الوصول ، منها :
الأول : أن يكون المرء مهموما لغيابه عليهالسلام ومتحسرا على فراقه وذلك لمحجوبيّته وعدم الوصول إلى أذيال وصاله مع وجوده بين الأنام واطلاعه على خفايا الأعمال ولا يمكن أن يكون الإنسان سابقا لا دعائه بالوصول إلى درجة الإيمان لمجرّد القول باللسان إلّا أن تكون محبّته إلى مولاه المهدي مقرونة بالعمل الصالح وتقديمه عليهالسلام على نفسه وكلّ ما عليك كما ورد عن ابن شيرويه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه ، وأهلي أحبّ إليه من أهله ، وعترتي أحبّ إليه من عترته ، وذاتي أحبّ إليه من ذاته» (١).
الثاني : ومن التكاليف الدعاء له عليهالسلام بطلب التعجيل لنصرته وظفره وغلبته على الكفار والملحدين والمنافقين ، وهو نوع من إظهار العبودية والرضا بما وعد الله تعالى ، بأنّ هذا الجوهر الثمين يصنع في خزانة قدرته ورحمته ، وأسدل على وجهه حجاب العظمة والجلال إلى اليوم الذي يرى المصلحة بإظهار ذلك الجوهر الثمين وإضاءة الدنيا من شعاع نوره ، ولا يظهر أثر من الدعاء في مثل هذا الوعد المنجز الحتميّ إلّا أداء مراسم العبودية وإظهار الشوق وزيادة المحبّة والثواب ، فالدعاء له عليهالسلام يفتح أبواب المغفرة والرحمة على الداعي ، لأنّ الدعاء لصاحب النعمة يوجب زيادة اللطف للداعي ، من هنا ورد الأمر بالدعاء للإمام المهدي عليهالسلام في كثير من الروايات ، منها : «الدعاء له في شهر رمضان قائما وقاعدا وعلى كلّ حال لا سيما في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان : اللهم كن لوليّك القائم بأمرك الحجّة بن الحسن المهدي في هذه الساعة وفي كلّ ساعة وليّا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا ومؤيّدا ومريدا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتّعه فيها طولا وعرضا ...»(٢).
وفي نسخة فروع الكافي ج ٤ ص ١٦٢ كتاب الصوم باب الدعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان بإسناده عن بعضهم عليهمالسلام قال : تتكرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان هذا الدعاء ساجدا وقائما وقاعدا وعلى كلّ حال وفي
__________________
(١) أمالي الصدوق : ص ٢٧٤ المجلس ٥٤ ح ٩. وبالتفصيل لاحظ النجم الثاقب : ج ٢ ص ٤٣٤ وما بعدها.
(٢) إقبال الأعمال لابن طاوس ص ٨٥ ـ ٨٦ ؛ ط. حجرية والنجم الثاقب ج ٢ ص ٤٥٥.