فجعل رسول الله يمسح عينيه ويقول : إن عادوا لك فعد لهم بما قلت (١).
٣ ـ وأخرج السيوطي في الدر المنثور عن ابن عباس قال :
لما أراد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يهاجر إلى المدينة قال لأصحابه تفرّقوا عني فمن كانت به قوة فليتأخر إلى آخر الليل ومن لم تكن به قوة فليذهب في أول الليل ، فإذا سمعتم بي قد استقرّت بي الأرض فالحقوا بي.
فأصبح بلال المؤذن وخبّاب وعمّار وجارية من قريش كانت أسلمت فأصبحوا بمكة فأخذهم المشركون وأبو جهل فعرضوا على بلال أن يكفر فأبى ، وأمّا عمّار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقية وأمّا الجارية فوتّد لها أبو جهل أربعة أوتاد ثم مدّها فأدخل الحربة في قبلها حتى قتلها ثم خلّوا عن بلال وخبّاب وعمّار فلحقوا برسول الله ... واشتدّ على عمّار الذي تكلّم به فقال له رسول الله كيف كان قلبك حين قلت الذي قلت؟ أكان منشرحا بالذي قلت أم لا؟ قال : لا.
وقال : وأنزل الله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ ...).
ملاحظة : الجارية المذكورة هي سميّة أمّ عمّار رضي الله تعالى عنها وأرضاها ، أسرت وزوجها وولدها عمّار ، وكان ياسر وسميّة أول شهيدين في الإسلام ، وقد استفاضت الروايات بشأن قتلهما بالفتنة وإظهار عمّار الكفر تقية ونزول الآية فيه (٢).
٤ ـ وقال الزمخشري :
روي أنّ أناسا من أهل مكة فتنوا فارتدّوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ، وكان فيهم من أكره وأجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للإيمان ، منهم عمّار بن ياسر وأبواه : ياسر وسميّة وصهيب وبلال وخبّاب ، أمّا عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها ...» (٣).
٥ ـ وقال الحافظ ابن ماجة :
«والإيتاء : معناه الإعطاء إن وافقوا المشركين على ما أرادوا منهم تقية ،
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٣ ص ٣٨٨.
(٢) لاحظ تفسير الميزان : ج ١٢ ص ٣٥٨.
(٣) الكشاف عن حقائق التنزيل : ج ٢ ص ٤٣٠.