والتقية في مثل هذه الحال جائزة لقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ ...) (١).
٦ ـ وقال القرطبي : قال الحسن : التقية جائزة للإنسان إلى يوم القيامة ... وقد أجمع أهل العلم على أنّ من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان ولا تبين منه زوجته ولا يحكم عليه بالكفر هذا قول مالك والكوفيين والشافعي (٢).
٧ ـ وقال إسماعيل حقي :
(إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ ...) أجبر على ذلك اللفظ بأمر يخاف على نفسه أو عضو من أعضائه ... لأنّ الكفر اعتقاد ، والإكراه على القول دون الاعتقاد ، والمعنى «ولكن المكره على الكفر باللسان» «وقلبه مطمئن بالإيمان» لا تتغير عقيدته ، وفيه دليل على أنّ الإيمان المنجي المعتبر عند الله هو التصديق بالقلب (٣).
الآية الثانية :
قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (آل عمران / ٢٩).
نهى الله سبحانه المؤمنين أن يتخذوا الكافرين أولياء بأن يملك الكافرون تدبير أمور المؤمنين فيتصرفون فيها كيفما يشاءون بحيث يؤدّي هذا الامتزاج الروحي بين المؤمنين والكافرين إلى مطاوعتهم والتأثر بهم في الأخلاق وسائر شئون الحياة وتصرفهم في ذلك ، لأنّ ذلك يستدعي الانفصال عن إخوانهم المؤمنين بحيث يركنون إلى أولئك الكافرين دون إخوانهم اللهم إلّا في حالة واحدة هي حال التقية حيث استثنى من هذه الولاية التقية هي صورة الولاية في الظاهر دون حقيقتها.
قال الطبرسي (قدسسره) :
__________________
(١) سنن ابن ماجة : ج ١ ص ٥٣ شرح حديث رقم ١٥٠.
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي : ج ٤ ص ٥٧.
(٣) روح البيان لاسماعيل حقي : ج ٥ ص ٨٤.