تدريجا إلى حصول الضرر كترك المداراة مع العامة وهجرهم في المعاشرة في بلادهم فإنه ينجرّ غالبا إلى حصول المباينة الموجبة لتضرره منهم.
والمباح : ما كان التحرّز عن الضرر وفعله مساويا في نظر الشارع كالتقية في إظهار كلمة الكفر على ما ذكره جمع من الأصحاب ويدلّ عليه الخبر الوارد في رجلين أخذا بالكوفة وأمرا بسب أمير المؤمنين عليهالسلام.
والمكروه : ما كان تركها وتحمّل الضرر أولى من فعله ، كما ذكر بعضهم في إظهار كلمة الكفر وأن الأولى تركها لمن يقتدى به الناس إعلاء لكلمة الإسلام ، والمراد بالمكروه حينئذ ما يكون ضده أفضل.
والمحرّم : منه ما كان في الدماء» (١).
وللعارف الكبير والمحقق الجليل آية الله العظمى روح الله الخميني (قدسسره) كلمات بشأن التقية نعرضها لأهميتها أيضا قال :
(تحرم التقية في بعض المحرمات والواجبات التي تمثّل في نظر الشارع والمتشرعة مكانة بالغة ، مثل هدم الكعبة والمشاهد المشرّفة ، والرّد على الإسلام والقرآن والتفسير بما يفسّر المذهب ويطابق الإلحاد وغيرها من عظائم المحرّمات ولا تعمّها أدلة التقية ولا الاضطرار ولا الإكراه.
وتدلّ على ذلك معتبرة مسعدة بن صدقة وفيها «فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنه جائز» (٢).
ومن هذا الباب ما إذا كان المتقي ممن له شأن وأهمية في نظر الخلق ، بحيث يكون ارتكابه لبعض المحرّمات تقية أو تركه لبعض الواجبات كذلك مما يعدّ موهنا للمذهب وهاتكا لحرمته ، كما لو أكره على شرب المسكر والزنا مثلا فإنّ جواز التقية في مثله متمسكا بحكومة دليل الرفع (٣) وأدلة التقية مشكل بل ممنوع ، وأولى من ذلك كله في عدم جواز التقية ، ما لو كان أصل من أصول الإسلام أو المذهب أو ضروري من ضروريات الدين في معرض الزوال والهدم والتغيير كما لو أراد المنحرفون الطغاة تغيير أحكام الإرث والطلاق والصلاة
__________________
(١) رسالة في التقية للشيخ الأنصاري : ص ٣٢٠ ط. قم.
(٢) وسائل الشيعة : ج ١١ باب الأمر بالمعروف ٢٥ ص ٤٦٩ ح ٦.
(٣) قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع عن أمتي ما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه».