ومثل ما تقرأ في الدعاء الثامن والعشرين : «اللهم إنّي أخلصت بانقطاعي إليك ، وصرفت وجهي عمّن يحتاج إلى رفدك ، وقلبت مسألتي عمّن لم يستغن عن فضلك ، ورأيت أن طلب المحتاج إلى المحتاج سفه من رأيه وضلة من عقله». ومثل ما تقرأ في الدعاء الثالث عشر : «فمن حاول سدّ خلته من عندك ورام صرف الفقر عن نفسه بك ، فقد طلب حاجته في مظانّها وأتى طلبته من وجهها ومن توجه بحاجته إلى أحد من خلقك أو جعله سبب نجاحها دونك ، فقد تعرّض للحرمان واستحقّ منك فوت الإحسان».
السادس : تعليم الناس وجوب مراعاة حقوق الآخرين ومعاونتهم والشفقة والرأفة من بعضهم لبعض ، والإيثار فيما بينهم ، تحقيقا لمعنى الأخوّة الإسلامية. مثل ما تقرأ في الدعاء الثامن والثلاثين : «اللهم إني أعتذر إليك من مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره ، ومن معروف أسدي إليّ فلم أشكره ، ومن مسيء أعتذر إليّ فلم أعذره ، ومن ذي فاقة سألني فلم أوثره ، ومن حقّ ذي حق لزمني لمؤمن فلم أوفره ، ومن عيب مؤمن ظهر لي فلم أستره ...» أنّ هذا الاعتذار من أبدع ما ينبه النفس إلى ما ينبغي عمله من هذه الأخلاق الإلهية العالية. وفي الدعاء التاسع والثلاثين ما يزيد على ذلك ، فيعلمك كيف يلزمك أن تعفو عمن أساء إليك ويحذّرك من الانتقام منه ، ويسمو بنفسك إلى مقام القديسين : «اللهم وأيّما عبد نال مني ما حظرت عليه وانتهك مني ما حجرت عليه ، فمضى بظلامتي ميتا أو حصلت عليه وانتهك مني ما حجرت عليه ، فمضى بظلامتي ميتا أو حصلت لي قبله حيّا. فاغفر له ما ألمّ به مني ، واعف له عمّا أدبر به عني ، ولا تقفه على ما ارتكب فيّ ولا تكشفه عمّا اكتسب بي ، واجعل ما سمحت به من العفو عنهم وتبرعت من الصدقة عليهم أزكى صدقات المتصدقين وأعلى صلات المتقربين ، وعوضني من عفوي عنهم عفوك ومن دعائي لهم رحمتك ، حتى يسعد كل واحد منا بفضلك» ، ما أبدع هذه الفقرة الأخيرة وما أجمل وقعها في النفوس الخيرة لتنبيهها على لزوم سلامة النية مع جميع الناس وطلب السعادة لكلّ أحد حتى من يظلمه ويعتدي عليه. ومثل هذا كثير في الأدعية السجادية وما أكثر ما فيها من هذا النوع من التعاليم السماويّة المهذّبة لنفوس البشر لو كانوا يهتدون.