والاستغراق لجميع الأفراد ولفظة (أَبَداً) تفيد الاستغراق الزمني ، فيكون معناها : لا تصلّ على أحد من المنافقين في أي وقت كان.
الثانية : (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ).
وبما أن هذه الجملة معطوفة على الجملة السابقة فيكون مفادها كمفاد الجملة الأولى يعني : «لا تقم على قبره أبدا» وفي كل الأوقات لأنّ (أَبَداً) تفيد الاستغراق الزمني ، فيكون المقصود من القيام على القبر ليس وقت الدفن لأنّ (أَبَداً) المقدّرة في الجملة الثانية تفيد إمكانية تكرار هذا العمل ، مما يدلّ على أنّ القيام على القبر لا يختصّ بوقت الدفن ، وبالجملة فمعنى الآية :
إنّ الله تعالى نهى نبيّه الأكرم عن مطلق الاستغفار والترحّم على المنافق سواء أكان بالصلاة أم بمطلق الدعاء ، ونهى عن مطلق القيام على القبر سواء أكان عند الدفن أم بعده.
ومفهوم هذين الأمرين جوازهما على المؤمن الميّت ، وبهذا يثبت جواز زيارة قبر المؤمن ، وجواز قراءة القرآن لروحه حتى بعد سنين من موته.
٢ ـ ومن الآيات قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات / ٣).
والآية الشريفة واضحة الدلالة في النهي عن رفع الصوت بوجه النبي في حياته ، وقد مدح الله سبحانه من غضّ صوته عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حياته وبعد مماته.
فقد ورد أن مولانا الإمام الحسين عليهالسلام قد أسكت بالآية الشريفة عائشة عند ما رفضت أن يدفن مولانا الإمام الحسن المجتبى بجانب جدّه النبي فقال عليهالسلام : إنّ الله حرّم من المؤمنين أمواتا ما حرّم منهم أحياء ، ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله بقربهما منه الأذى (١).
«فغض الصوت عند قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فرع صحة زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم وبث الشكوى إليه وإلّا لو قصرنا غضّ الصوت أمامه عليهالسلام حال حياته لتوقف كثير من أحكام
__________________
(١) تفسير نور الثقلين : ج ٥ ص ٨١.