والأولياء وزيارة القبور وما هنالك من سخافات باطلة أوحاها لهم إبليس اللعين ، وقد أخذ هؤلاء الظاهريون ببعض النصوص المعارضة ـ كما قلنا لو صحت المعارضة وسلّمنا بصدورها عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ منها :
ـ ما ورد عن بريدة مرفوعا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها (١).
ـ وعن أبي سعيد الخدري مرفوعا إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة(٢).
وعن أنس بن مالك مرفوعا : نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكّركم الموت (٣).
والروايات عديدة فلاحظ الغدير.
وكما قلنا إنّ أمة الإسلام متفقة على استحباب أو رجحان زيارة القبور ، وقد جرت السيرة القطعية أيضا من صدر الإسلام منذ عصر الصحابة الأولين على زيارة القبور التي تضمنت في كنفها نبيا مرسلا أو إماما طاهرا أو وليا صالحا وكانت الصلاة لديها والدعاء عندها ، والتبرّك والتوسل بها والتقرّب إلى الله سبحانه بإتيان تلك المشاهد من المتسالم عليه بين فرق المسلمين من دون أي نكير من آحادهم وأي غميزة من أحد منهم على اختلاف مذاهبهم حتى ولد الدهر ابن تيمية الحرّاني ـ الذي أخذت عنه الوهابية اليوم معتقداتها ـ فجاء كالمغمور مستهترا يهذي ولا يبالي ، فأنكر تلك السّنة الجارية ، سنّة الله التي لا تبديل لها ، فابن تيمية الحرّاني ذاك الزنديق الذي شدّد النكير على تلك الآداب الإسلامية ، وأفتى بحرمة شدّ الرّحال لزيارة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدّ السفر لأجل ذلك سفر معصية لا تقصّر فيه الصلاة ، فخالفه أعلام عصره ورجالات قومه فقابلوه بالطعن والردّ الشديد ، وأفردوا لذلك كتبا عدّة في الردّ عليه (٤).
ولم يكتف ابن تيمية بفتاواه الجهنمية على الشيعة وكل من زار القبور حتى
__________________
(١) الغدير : ج ٥ ص ١٦٦.
(٢) نفس المصدر : ص ١٦٧.
(٣) نفس المصدر : ص ١٦٦.
(٤) لاحظ الغدير : ج ٥ ص ٨٦.